وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيُّ فِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَشْتَرِ - هَذَا الزَّبِيرُ: بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ -:
سَأَبْكِي وَإِنْ لَمْ تَبْكِ فِتْيَانُ مَذْحِجٍ فَتَاهَا إِذَا اللَّيْلُ التِّمَامُ تَأَوَّبَا ... فَتًى لَمْ يَكُنْ فِي مِرَّةِ الْحَرْبِ جَاهِلًا وَلَا بِمُطِيعٍ فِي الْوَغَى مَنْ تَهَيَّبَا
أَبَانَ أُنُوفَ الْحَيِّ قَحْطَانَ قَتْلُهُ وَأَنْفَ نِزَارٍ قَدْ أَبَانَ فَأَوْعَبَا ... فَمَنْ يَكُ أَمْسَى خَائِنًا لِأَمِيرِهِ فَمَا خَانَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْمَوْتِ مُصْعَبَا
وَحِينَ قُتِلَ مُصْعَبٌ كَانَ الْمُهَلَّبُ يُحَارِبُ الْأَزَارِقَةَ بِسُولَافَ، (بَلَدٌ بِفَارِسَ عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ) ، ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ، فَبَلَغَ قَتْلُهُ الْأَزَارِقَةَ قَبْلَ الْمُهَلَّبِ، فَصَاحُوا بِأَصْحَابِ الْمُهَلَّبِ: مَا قَوْلُكُمْ فِي مُصْعَبٍ؟ قَالُوا: أَمِيرُ هُدًى، وَهُوَ وَلِيُّنَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَنَحْنُ أَوْلِيَاؤُهُ. قَالُوا: فَمَا قَوْلُكُمْ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ؟ قَالُوا: ذَاكَ ابْنُ اللَّعِينِ، نَحْنُ نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَلُّ دَمًا مِنْكُمْ. قَالُوا: فَإِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ قَتَلَ مُصْعَبًا، وَسَتَجْعَلُونَ غَدًا عَبْدَ الْمَلِكِ إِمَامَكُمْ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ سَمِعَ الْمُهَلَّبُ وَأَصْحَابُهُ قَتْلَ مُصْعَبٍ، فَبَايَعَ الْمُهَلَّبُ النَّاسَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَصَاحَ بِهِمُ الْخَوَارِجُ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ! مَا تَقُولُونَ فِي مُصْعَبٍ؟ قَالُوا: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، لَا نُخْبِرُكُمْ. وَكَرِهُوا أَنْ يُكَذِّبُوا أَنْفُسَهُمْ. قَالُوا: وَمَا قَوْلُكُمْ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ؟ قَالُوا: خَلِيفَتُنَا. وَلَمْ يَجِدُوا بُدًّا إِذْ بَايَعُوهُ أَنْ يَقُولُوا ذَلِكَ. قَالُوا: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ! أَنْتُمْ بِالْأَمْسِ تَبْرَأُونَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهُوَ الْيَوْمَ إِمَامُكُمْ، وَقَدْ قَتَلَ أَمِيرَكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوَلُّونَهُ! فَأَيُّهُمَا الْمُهْتَدِي وَأَيُّهُمَا الْمُبْطِلُ؟ قَالُوا: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ، رَضِينَا بِذَلِكَ إِذْ كَانَ يَتَوَلَّى أَمْرَنَا وَنَرْتَضِي بِهَذَا. قَالُوا: لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّكُمْ إِخْوَانُ الشَّيَاطِينِ وَعَبِيدُ الدُّنْيَا.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِ قَتْلُ أَخِيهِ مُصْعَبٍ قَامَ فِي النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute