للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢] ، وَأَنْتُمْ أُولَئِكَ وَأَشْبَاهُ أُولَئِكَ، إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدَ الْمَلِكِ نَثَرَ كِنَانَتَهُ، فَعَجَمَ عِيدَانَهَا، فَوَجَدَنِي أَمَرَّهَا عُودًا، وَأَصْلَبَهَا مَكْسَرًا، فَوَجَّهَنِي إِلَيْكُمْ، وَرَمَى بِي فِي نُحُورِكُمْ، فَإِنَّكُمْ أَهْلُ بَغْيٍ وَخِلَافٍ وَشِقَاقٍ وَنِفَاقٍ، فَإِنَّكُمْ طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ فِي الشَّرِّ، وَسَنَنْتُمْ سُنَنَ الْغَيِّ، فَاسْتَوْثِقُوا وَاسْتَقِيمُوا، فَوَاللَّهِ لَأُذِيقَنَّكُمُ الْهَوَانَ، وَلَأُمْرِيَنَّكُمْ بِهِ حَتَّى تَدِرُّوا، وَلَأَلْحُوَنَّكُمْ لَحْوَ الْعُودِ، وَلَأَعْصُبَنَّكُمْ عَصْبَ السَّلَمَةِ حَتَّى تُذَلُّوا، وَلَأَضْرِبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الْإِبِلِ حَتَّى تَذَرُوا الْعِصْيَانَ وَتَنْقَادُوا، وَلَأَقْرَعَنَّكُمْ قَرْعَ الْمَرْوَةِ حَتَّى تَلِينُوا، إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَعِدُ إِلَّا وَفَيْتُ، وَلَا أَخْلُقُ إِلَّا فَرَيْتُ، فَإِيَّايَ وَهَذِهِ الْجَمَاعَاتِ، فَلَا يَرْكَبَنَّ رَجُلٌ إِلَّا وَحْدَهُ، أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتُقْبِلُنَّ عَلَى الْإِنْصَافِ، وَلَتَدَعُنَّ الْإِرْجَافَ، وَقِيلًا وَقَالًا وَمَا تَقُولُ وَمَا يَقُولُ وَأَخْبَرَنِي فُلَانٌ، أَوْ لَأَدَعَنَّ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ شُغْلًا فِي جَسَدِهِ! فِيمَ أَنْتُمْ وَذَاكَ؟ وَاللَّهِ لَتَسْتَقِيمُنَّ عَلَى الْحَقِّ، أَوْ لَأَضْرِبَنَّكُمْ بِالسَّيْفِ ضَرْبًا يَدَعُ النِّسَاءَ أَيَامَى، وَالْوِلْدَانَ يَتَامَى، حَتَّى تَذَرُوا السُّمَّهَى، وَتُقْلِعُوا عَنْ هَا وَهَا، أَلَا إِنَّهُ لَوْ سَاغَ لِأَهْلِ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَتُهُمْ مَا جُبِيَ فَيْءٌ، وَلَا قُوتِلَ عَدُوٌّ، وَلَعُطِّلَتِ الثُّغُورُ، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يُغْزَوْنَ كَرْهًا مَا غُزُوا طَوْعًا!

وَقَدْ بَلَغَنِي رَفْضُكُمُ الْمُهَلَّبَ، وَإِقْبَالُكُمْ عَلَى مِصْرِكُمْ عَاصِينَ مُخَالِفِينَ، وَإِنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>