بِدَائِهِ، ثُمَّ نَزَلَ، وَكَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا.
ذِكْرُ وِلَايَةِ قُتَيْبَةَ خُرَاسَانَ وَمَا كَانَ مِنْهُ هَذِهِ السَّنَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ قُتَيْبَةُ خُرَاسَانَ أَمِيرًا عَلَيْهَا لِلْحَجَّاجِ، فَقَدِمَهَا وَالْمُفَضَّلُ يَعْرِضُ الْجُنْدَ لِلْغَزَاةِ، فَخَطَبَ قُتَيْبَةُ النَّاسَ، وَحَثَّهُمْ عَلَى الْجِهَادِ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَسَارَ، وَجَعَلَ بِمُرْوَ عَلَى حَرْبِهَا إِيَاسَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَلَى الْخَرَاجِ عُثْمَانَ السَّعِيدِيَّ.
فَلَمَّا كَانَ بِالطَّالْقَانِ أَتَاهُ دَهَاقِينُ بَلْخٍ وَسَارُوا مَعَهُ، فَقَطَعَ النَّهْرَ، فَتَلَقَّاهُ مَلِكُ الصَّغَانَيَانِ بِهَدَايَا وَمَفَاتِيحَ مِنْ ذَهَبٍ وَدَعَاهُ إِلَى بِلَادِهِ، فَمَضَى مَعَهُ، فَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ ; لِأَنَّ مَلِكَ آخْرُونَ وَشُومَانَ كَانَ يُسِيءُ جِوَارَهُ.
ثُمَّ سَارَ قُتَيْبَةُ مِنْهَا إِلَى آخْرُونَ وَشُومَانَ، وَهُمَا مِنْ طَخَارِسْتَانَ، فَصَالَحَهُ مَلِكُهَا عَلَى فِدْيَةٍ أَدَّاهَا إِلَيْهِ فَقَبِلَهَا قُتَيْبَةُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَرْوَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْجُنْدِ أَخَاهُ صَالِحَ بْنَ مُسْلِمٍ، فَفَتَحَ صَالِحٌ بَعْدَ رُجُوعِ قُتَيْبَةَ كَاشَّانَ وَأُورِشْتَ، وَهِيَ مِنْ فَرْغَانَةَ، وَفَتَحَ أَخْسَيْكِتَ، وَهِيَ مَدِينَةُ فَرْغَانَةَ الْقَدِيمَةِ، وَكَانَ مَعَهُ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ، فَأَبْلَى بَلَاءً حَسَنًا.
وَقِيلَ: إِنَّ قُتَيْبَةَ قَدِمَ خُرَاسَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ، فَعَرَضَ الْجُنْدَ، فَغَزَا آخْرُونَ وَشُومَانَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَرْوَ. وَقِيلَ: إِنَّهُ أَقَامَ السَّنَةَ، وَلَمْ يَقْطَعِ النَّهْرَ لِسَبَبِ بِلْخَ، فَإِنَّ بَعْضَهَا كَانَ مُنْتَقِضًا عَلَيْهِ فَحَارَبَهُمْ، وَكَانَ مِمَّنْ سَبَى امْرَأَةَ بَرْمَكَ أَبِي خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَكَانَ بَرْمَكُ عَلَى النُّوبْهَارِ، فَصَارَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ أَخِي قُتَيْبَةَ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا. ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ بَلْخَ صَالَحُوهُ، وَأَمَرَ قُتَيْبَةُ بِرَدِّ السَّبْيِ، فَقَالَتِ امْرَأَةُ بَرْمَكَ لِعَبْدِ اللَّهِ: إِنِّي قَدْ عَلِقْتُ مِنْكَ، وَحَضَرَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمٍ الْوَفَاةُ، فَأَوْصَى أَنْ يُلْحَقَ بِهِ مَا فِي بَطْنِهَا، وَرُدَّتْ إِلَى بَرْمَكَ. فَذُكِرَ أَنَّ وَلَدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ جَاءُوا أَيَّامَ الْمَهْدِيِّ حِينَ قَدِمَ الرَّيَّ إِلَى خَالِدٍ فَادَّعُوهُ. فَقَالَ لَهُمْ مُسْلِمُ بْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّهُ لَا بُدَّ لَكُمْ إِنِ اسْتَلْحَقْتُمُوهُ فَفَعَلَ [مِنْ] أَنْ تُزَوِّجُوهُ. فَتَرَكُوهُ. وَكَانَ بَرْمَكُ طَبِيبًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute