مُسْلِمٍ أَخَا قُتَيْبَةَ وَهُوَ عَلَى السَّاقَةِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ قُتَيْبَةَ وَأَوَائِلِ الْعَسْكَرِ مِيلٌ، فَلَمَّا قَرُبُوا مِنْهُ أَرْسَلَ إِلَى قُتَيْبَةَ بِخَبَرِهِ، وَأَدْرَكَهُ التُّرْكُ فَقَاتَلُوهُ، وَرَجَعَ قُتَيْبَةُ فَانْتَهَى إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ يُقَاتِلُ التُّرْكَ، وَقَدْ كَادَ التُّرْكُ يَظْهَرُونَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ قُتَيْبَةَ طَابَتْ نُفُوسُهُمْ، وَقَاتَلُوا إِلَى الظُّهْرِ، وَأَبْلَى يَوْمَئِذٍ نِيزَكُ، وَهُوَ مَعَ قُتَيْبَةَ، فَانْهَزَمَ التُّرْكُ، وَرَجَعَ قُتَيْبَةُ فَقَطَعَ النَّهْرَ عِنْدَ تِرْمِذَ وَأَتَى مَرْوَ.
ذِكْرُ مَا عَمِلَ الْوَلِيدُ مِنَ الْمَعْرُوفِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ الْوَلِيدُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي تَسْهِيلِ الثَّنَايَا وَحَفْرِ الْآبَارِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ الْفَوَّارَةَ بِالْمَدِينَةِ، فَعَمِلَهَا وَأَجْرَى مَاءَهَا، فَلَمَّا حَجَّ الْوَلِيدُ وَرَآهَا أَعْجَبَتْهُ، فَأَمَرَ لَهَا بِقُوَّامٍ يَقُومُونَ عَلَيْهَا، وَأَمَرَ أَهْلَ الْمَسْجِدِ أَنْ يَسْتَقُوا مِنْهَا، وَكَتَبَ إِلَى الْبُلْدَانِ جَمِيعِهَا بِإِصْلَاحِ الطُّرُقِ، وَعَمَلِ الْآبَارِ، وَمَنْعِ الْمُجَذَّمِينَ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَى النَّاسِ، وَأَجْرَى لَهُمُ الْأَرْزَاقَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَوَصَلَ جَمَاعَةً مِنْ قُرَيْشٍ، وَسَاقَ مَعَهُ بُدْنًا وَأَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ أُخْبِرَ أَنَّ مَكَّةَ قَلِيلَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهُمْ يَخَافُونَ عَلَى الْحَاجِّ الْعَطَشَ، فَقَالَ عُمَرُ: تَعَالَوْا نَدْعُ اللَّهَ تَعَالَى، فَدَعَا وَدَعَا مَعَهُ النَّاسُ، فَمَا وَصَلُوا الْبَيْتَ إِلَّا مَعَ الْمَطَرِ وَسَالَ الْوَادِي، فَخَافَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ شِدَّتِهِ، وَمُطِرَتْ عَرَفَةُ وَمَكَّةُ وَكَثُرَ الْخِصْبُ.
وَقِيلَ إِنَّمَا حَجَّ هَذِهِ السَّنَةَ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَكَانَ الْعُمَّالُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute