فَظَفِرَ. ثُمَّ إِنَّ الْجُنَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلِيَ السِّنْدَ أَيَّامَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَى الْجُنَيْدُ شَطَّ مِهْرَانَ فَمَنَعَهُ جَيْشَبَهْ بْنُ ذَاهِرٍ الْعُبُورَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: إِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، وَوَلَّانِي الرَّجُلُ الصَّالِحُ بِلَادِي وَلَسْتُ آمَنُكَ، فَأَعْطَاهُ رُهُنًا وَأَخَذَ مِنْهُ رُهُنًا عَلَى خَرَاجِ بِلَادِهِ، ثُمَّ تَرَادَّا وَكَفَرَ جَيْشَبَهْ وَحَارَبَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يُحَارِبْ وَلَكِنَّ الْجُنَيْدَ تَجَنَّى عَلَيْهِ، فَأَتَى الْهِنْدَ فَجَمَعَ جُمُوعًا، وَأَعَدَّ السُّفُنَ وَاسْتَعَدَّ لِلْحَرْبِ، فَسَارَ إِلَيْهِ الْجُنَيْدُ بِالسُّفُنِ، فَالْتَقَوْا فِي بَطِيحَةَ، فَأُخِذَ جَيْشَبَهْ أَسِيرًا، وَقَدْ جَنَحَتْ سَفِينَتُهُ، فَقَتَلَهُ الْجُنَيْدُ وَهَرَبَ صَصَّةُ بْنُ ذَاهِرٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَمْضِيَ إِلَى الْعِرَاقِ فَيَشْكُوَ غَدْرَ الْجُنَيْدِ، فَلَمْ يَزَلِ الْجُنَيْدُ يُؤْنِسُهُ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ فَقَتَلَهُ.
وَغَزَا الْجُنَيْدُ الْكَيْرَجَ، وَكَانُوا قَدْ نَقَضُوا، فَاتَّخَذُوا كَبْشًا وَصَكَّ بِهَا سُورَ الْمَدِينَةِ، فَثَلَمَهُ وَدَخَلَهَا، فَقَتَلَ وَسَبَى، وَوَجَّهَ الْعُمَّالَ إِلَى الْمَرْمَذِ وَالْمَنْدَلِ وَدَهْنَجَ وَبُرُوَنْجَ. وَكَانَ الْجُنَيْدُ يَقُولُ: الْقَتْلُ فِي الْجَزَعِ أَكْبَرُ مِنْهُ فِي الصَّبْرِ. وَوَجَّهَ جَيْشًا إِلَى أَزِينَ فَأَغَارُوا عَلَيْهَا وَحَرَّقُوا رَبْضَهَا، وَفَتَحَ الْبَيْلَمَانَ، وَحَصَلَ عِنْدَهُ سِوَى مَا حَمَلَ أَرْبَعُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَحَمَلَ مِثْلَهَا، وَوَلَّى الْجُنَيْدُ تَمِيمَ بْنَ زَيْدٍ الْقَيْنِيَّ، فَضَعُفَ وَوَهَنَ، وَمَاتَ قَرِيبًا مِنَ الدَّيْبُلِ.
وَفِي أَيَّامِهِ خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ بِلَادِ الْهِنْدِ وَرَفَضُوا مَرَاكِزَهُمْ، ثُمَّ وُلِّيَ الْحَكَمُ بْنُ عَوَّامٍ الْكَلْبِيُّ، وَقَدْ كَفَرَ أَهْلُ الْهِنْدِ إِلَّا أَهْلَ قَصَّةَ، فَبَنَى مَدِينَةً سَمَّاهَا الْمَحْفُوظَةَ، وَجَعَلَهَا مَأْوَى الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ مَعَهُ عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَكَانَ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ عَظِيمَ الْأُمُورِ، فَأَغْزَاهُ مِنَ الْمَحْفُوظَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَقَدْ ظَفِرَ أَمَرَهُ فَبَنَى مَدِينَةً وَسَمَّاهَا الْمَنْصُورَةَ، فَهِيَ الَّتِي يَنْزِلُهَا الْأُمَرَاءُ، وَاسْتَخْلَصَ مَا كَانَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْعَدُوُّ، وَرَضِيَ النَّاسُ بِوِلَايَتِهِ، وَكَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ يَقُولُ: وَاعْجَبَا! وَلَّيْتُ فَتَى الْعَرَبِ، يَعْنِي تَمِيمًا، فَرُفِضَ وَتُرِكَ، وَوَلَّيْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute