اسْتَعْمَلَ عُبَيْدَةَ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ (وَالْأَنْدَلُسِ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، فَلَمَّا قَدِمَ إِفْرِيقِيَّةَ رَأَى) الْمُسْتَنِيرَ بْنَ الْحَارِثِ الْحُرَيْثِيَّ غَازِيًا بِصِقِلِّيَّةَ، وَأَقَامَ هُنَاكَ حَتَّى هَجَمَ عَلَيْهِ الشِّتَاءُ ثُمَّ قَفَلَ رَاجِعًا، فَغَرِقَ مَنْ مَعَهُ وَسَلِمَ الْمُسْتَنِيرُ فِي مَرْكَبِهِ، فَحَبَسَهُ عُبَيْدَةُ عُقُوبَةً لَهُ وَجَلَدَهُ وَشَهَّرَهُ بِالْقَيْرَوَانِ.
ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَةَ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْأَنْدَلُسِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَغَزَا إِفْرِنْجَةَ وَأَوْغَلَ فِي أَرْضِهِمْ وَغَنِمَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَكَانَ فِيمَا أَصَابَ رِجْلٌ مِنْ ذَهَبٍ مُفَصَّصَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ، فَكَسَرَهَا وَقَسَّمَهَا فِي النَّاسِ. فَبَلَغَ ذَلِكَ عُبَيْدَةُ، فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَتَهَدَّدُهُ، فَأَجَابَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَوْ كَانَتْ رَتْقًا لَجَعَلَ اللَّهُ لِلْمُتَّقِينَ مِنْهَا مَخْرَجًا. ثُمَّ خَرَجَ غَازِيًا (بِبِلَادِ الْفِرِنْجِ هَذِهِ السَّنَةَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ) ، فَقُتِلَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ شُهَدَاءَ.
ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَةَ سَارَ مِنْ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مِنَ الْهَدَايَا وَالْإِمَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَاسْتَعْفَى هِشَامًا، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ وَعَزَلَهُ، وَكَانَ قَدِ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْأَنْدَلُسِ بَعْدَ قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ قَطَنٍ.
ثُمَّ إِنَّ هِشَامًا اسْتَعْمَلَ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ بَعْدَ عُبَيْدَةَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَبْحَابِ، وَكَانَ عَلَى مِصْرَ، فَسَارَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فَأَخْرَجَ الْمُسْتَنِيرَ مِنَ الْحَبْسِ وَوَلَّاهُ تُونُسَ.
ثُمَّ إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ جَهَّزَ جَيْشًا مَعَ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عُبَيْدَةَ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى أَرْضِ السُّودَانِ، فَظَفِرَ بِهِمْ ظَفَرًا لَمْ يَظْفَرْ أَحَدٌ مِثْلَهُ وَأَصَابَ مَا شَاءَ، ثُمَّ غَزَا الْبَحْرَ ثُمَّ انْصَرَفَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
[الْوَفَيَاتُ]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ. وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ، وَالِدُ إِيَاسٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ الَّذِي يُضْرَبُ بِذَكَائِهِ الْمَثَلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute