وَوَكَّلَ بِهِمْ رَجُلًا، فَأَوْثَقُوهُ وَخَرَجُوا مِنَ السِّجْنِ فَرَكِبُوا وَعَادُوا إِلَى عَاصِمٍ، فَأَمَرَهُمْ، فَخَطَبُوا وَذَمُّوا الْحَارِثَ وَذَكَرُوا خُبْثَ سِيرَتِهِ (وَغَدْرَهُ. وَكَانَ الْحَارِثُ قَدْ لَبِسَ السَّوَادَ وَدَعَا إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ وَالْبَيْعَةِ لِلرِّضَا، فَسَارَ مِنَ الْفَارِيَابِ) فَأَتَى بَلْخًا وَعَلَيْهَا نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ [وَ] التُّجِيبِيُّ [ابْنُ ضُبَيْعَةَ الْمُرِّيُّ] ، فَلَقِيَا الْحَارِثَ (فِي عَشَرَةِ آلَافٍ وَالْحَارِثُ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَقَاتَلَهُمَا وَمَنْ مَعَهُمَا، فَانْهَزَمَ أَهْلُ بَلْخٍ وَتَبِعَهُمُ الْحَارِثُ) ، فَدَخَلَ مَدِينَةَ بَلْخٍ، وَخَرَجَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ مِنْهَا، وَأَمَرَ الْحَارِثَ بِالْكَفِّ عَنْهُمْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا رَجُلًا مِنْ وَلَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ، وَسَارَ إِلَى الْجُوزَجَانِ فَغُلِبَ عَلَيْهَا وَعَلَى الطَّالَقَانِ وَمَرْوِ الرُّوذِ.
فَلَمَّا كَانَ بِالْجُوزَجَانِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي أَيِّ بَلَدٍ يَقْصِدُ، فَقِيلَ لَهُ: مَرْوُ بَيْضَةُ خُرَاسَانَ وَفُرْسَانُهُمْ كَثِيرٌ، وَلَوْ لَمْ يَلْقَوْكَ إِلَّا بِعَبِيدِهِمْ لَانْتَصَفُوا مِنْكَ، فَأَقِمْ فَإِنْ أَتَوْكَ قَاتَلْتَهُمْ، وَإِنْ أَقَامُوا قَطَعْتَ الْمَادَّةَ عَنْهُمْ. قَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ، وَسَارَ إِلَى مَرْوَ (فَقَالَ لِأَهْلِ الرَّأْيِ مِنْ مَرْوَ: إِنْ أَتَى نَيْسَابُورَ فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَإِنْ أَتَانَا نُكِبَ.
وَبَلَغَ عَاصِمًا أَنَّ أَهْلَ مَرْوَ يُكَاتِبُونَ الْحَارِثَ فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَرْوَ قَدْ كَاتَبْتُمُ الْحَارِثَ، لَا يَقْصِدُ الْمَدِينَةَ إِلَّا تَرَكْتُمُوهَا لَهُ، وَإِنِّي لَاحِقٌ بِنَيْسَابُورَ، وَأُكَاتِبُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى يُمِدَّنِي بِعَشَرَةِ آلَافٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. فَقَالَ لَهُ الْمُجَشِّرُ بْنُ مُزَاحِمٍ: إِنْ أَعْطَوْكَ بَيْعَتَهُمْ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ عَلَى الْقِتَالِ مَعَكَ وَالْمُنَاصَحَةِ لَكَ (فَلَا تُفَارِقْهُمْ) .
وَأَقْبَلَ الْحَارِثُ إِلَى مَرْوَ يُقَالُ: فِي سِتِّينَ أَلْفًا وَمَعَهُ فُرْسَانُ الْأَزْدِ وَتَمِيمٍ، وَمِنْهُمْ: مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَحَمَّادُ بْنُ عَامِرٍ الْحِمَّانِيُّ، وَدَاوُدُ الْأَعْسَرُ، وَبِشْرُ بْنُ أُنَيْفٍ الرِّيَاحِيُّ، وَعَطَاءٌ الدَّبُّوسِيُّ، وَمِنَ الدَّهَاقِينِ: دِهْقَانُ الْجُوزَجَانِ وَدِهْقَانُ الْفَارِيَابِ وَمَلِكُ الطَّالَقَانِ وَدِهْقَانُ مَرْوِ الرُّوذِ فِي أَشْبَاهِهِمْ، وَخَرَجَ عَاصِمٌ فِي أَهْلِ مَرْوَ وَغَيْرِهِمْ فَعَسْكَرَ، وَقَطَعَ عَاصِمٌ الْقَنَاطِرَ، وَأَقْبَلَ أَصْحَابُ الْحَارِثِ فَأَصْلَحُوا الْقَنَاطِرَ، فَمَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْفَرَاهِيذِيُّ الْأَزْدِيُّ إِلَى عَاصِمٍ فِي أَلْفَيْنِ فَأَتَى الْأَزْدَ، وَمَالَ حَمَّادُ بْنُ عَامِرٍ الْحِمَّانِيُّ إِلَى عَاصِمٍ فَأَتَى بَنِي تَمِيمٍ، وَالْتَقَى الْحَارِثُ وَعَاصِمٌ، وَعَلَى مَيْمَنَةِ الْحَارِثِ وَابِضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَارَةَ التَّغْلِبِيُّ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْحَارِثِ فَغَرِقَ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute