للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتَبَاحَ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَسْكَرَهُمْ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ هِمَّةٌ بِالْعِرَاقِ، وَاسْتَوْلَى ابْنُ هُبَيْرَةَ عَلَى الْعِرَاقِ.

وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ مَعَ الْخَوَارِجِ فَانْهَزَمَ وَغَلَبَ عَلَى الْمَاهَيْنِ وَعَلَى الْجَبَلِ أَجْمَعَ، وَسَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ إِلَى وَاسِطَ فَأَخَذَ ابْنَ عُمَرَ فَحَبَسَهُ، وَوَجَّهَ نَبَاتَةَ بْنَ حَنْظَلَةَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ حَبِيبٍ، وَهُوَ عَلَى كُوَرِ الْأَهْوَازِ، فَسَمِعَ سُلَيْمَانُ الْخَبَرَ فَأَرْسَلَ إِلَى نَبَاتَةَ دَاوُدَ بْنَ حَاتِمٍ، فَالْتَقَوْا بِالْمَرَّتَانِ عَلَى شَاطِئِ دُجَيْلٍ، فَانْهَزَمَ النَّاسُ وَقُتِلَ دَاوُدُ بْنُ حَاتِمٍ.

وَكَتَبَ مَرْوَانُ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ لَمَّا اسْتَوْلَى عَلَى الْعِرَاقِ يَأْمُرُهُ بِإِرْسَالِ عَامِرِ بْنِ ضُبَارَةَ الْمُرِّيِّ إِلَيْهِ، فَسَيَّرَهُ فِي سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ، فَبَلَغَ شَيْبَانَ خَبَرُهُ فَأَرْسَلَ الْجَوْنَ بْنَ كِلَابٍ الْخَارِجِيَّ فِي جَمْعٍ، فَلَقُوا عَامِرًا بِالسِّنِّ فَهَزَمُوهُ وَمَنْ مَعَهُ، فَدَخَلَ السِّنَّ وَتَحَصَّنَ فِيهِ، وَجَعَلَ مَرْوَانُ يُمِدُّهُ بِالْجُنُودِ عَلَى طَرِيقِ الْبَرِّ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى السِّنِّ، فَكَثُرَ جَمْعُ عَامِرٍ.

وَكَانَ مَنْصُورُ بْنُ جُمْهُورٍ يُمِدُّ شَيْبَانَ مِنَ الْجَبَلِ بِالْأَمْوَالِ، فَلَمَّا كَثُرَ مَنْ مَعَ عَامِرٍ نَهَضَ إِلَى الْجَوْنِ وَالْخَوَارِجِ فَقَاتَلَهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَقُتِلَ الْجَوْنُ، وَسَارَ ابْنُ ضُبَارَةَ مُصْعِدًا إِلَى الْمَوْصِلِ.

فَلَمَّا انْتَهَى خَبَرُ قَتْلِ الْجَوْنِ إِلَى شَيْبَانَ وَمَسِيرِ عَامِرٍ نَحْوَهُ كَرِهَ أَنْ يُقِيمَ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَارْتَحَلَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَقَدِمَ عَامِرٌ عَلَى مَرْوَانَ بِالْمَوْصِلِ، فَسَيَّرَهُ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ فِي أَثَرِ شَيْبَانَ، فَإِنْ أَقَامَ أَقَامَ، وَإِنْ سَارَ سَارَ، وَأَنْ لَا يَبْدَأَهُ بِقِتَالٍ، فَإِنْ قَاتَلَهُ شَيْبَانُ قَاتَلَهُ، وَإِنْ أَمْسَكَ أَمْسَكَ عَنْهُ، وَإِنِ ارْتَحَلَ اتَّبَعَهُ. فَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَرَّ عَلَى الْجَبَلِ، وَخَرَجَ عَلَى بَيْضَاءِ فَارِسَ وَبِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ جَعْفَرٍ فِي جُمُوعٍ كَثِيرَةٍ، فَلَمْ يَتَهَيَّأِ الْأَمْرُ بَيْنَهُمَا، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ جِيرَفْتَ مِنْ كَرْمَانَ، فَانْهَزَمَ ابْنُ مُعَاوِيَةَ فَلَحِقَ بِهَرَاةَ، وَسَارَ ابْنُ ضُبَارَةَ بِمَنْ مَعَهُ فَلَقِيَ شَيْبَانَ بِجِيرَفْتَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فَانْهَزَمَتِ الْخَوَارِجُ وَاسْتُبِيحَ عَسْكَرُهُمْ، وَمَضَى شَيْبَانُ إِلَى سِجِسْتَانَ فَهَلَكَ بِهَا، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ.

وَقِيلَ: بَلْ كَانَ قِتَالُ مَرْوَانَ وَشَيْبَانَ عَلَى الْمَوْصِلِ مِقْدَارَ شَهْرٍ، ثُمَّ انْهَزَمَ شَيْبَانُ حَتَّى لَحِقَ بِفَارِسَ وَعَامِرُ بْنُ ضُبَارَةَ يَتْبَعُهُ، وَسَارَ شَيْبَانُ إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ كَاوَانَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>