للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ مُعَاوِيَةَ وَقَدْ عَرَفْتَ خِلَافَهُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: كَانَ عَلَيَّ دَيْنٌ فَأَدَّيْتُهُ. فَشَفَعَ فِيهِ حَرْبُ بْنُ قَطَنٍ الْهِلَالِيُّ وَقَالَ: هُوَ ابْنُ أُخْتِنَا، فَوَهَبَهُ لَهُ.

فَعَابَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَرَمَى أَصْحَابَهُ بِاللُّوَاطِ، فَسَيَّرَهُ ابْنُ ضُبَارَةَ إِلَى ابْنِ هُبَيْرَةَ لِيُخْبِرَهُ أَخْبَارَ ابْنِ مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ فِي طَلَبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ إِلَى شِيرَازَ فَحَصَرَهُ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاوِيَةَ مِنْهَا هَارِبًا وَمَعَهُ أَخَوَاهُ الْحَسَنُ وَيَزِيدُ ابْنَا مُعَاوِيَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَسَلَكَ الْمَفَازَةَ عَلَى كَرْمَانَ، وَقَصَدَ خُرَاسَانَ طَمَعًا فِي أَبِي مُسْلِمٍ لِأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى الرِّضَاءِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ وَقَدِ اسْتَوْلَى عَلَى خُرَاسَانَ، فَوَصَلَ إِلَى نَوَاحِي هَرَاةَ وَعَلَيْهَا أَبُو نَصْرٍ مَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنِ مُعَاوِيَةَ يَسْأَلُهُ عَنْ قُدُومِهِ، فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تَدْعُونَ إِلَى الرِّضَاءِ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ فَأَتَيْتُكُمْ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَالِكٌ: انْتَسِبْ نَعْرِفْكَ. فَانْتَسَبَ لَهُ، فَقَالَ: أَمَّا عَبْدُ اللَّهِ وَجَعْفَرُ فَمِنْ أَسْمَاءِ آلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَلَا نَعْرِفُهُ فِي أَسْمَائِهِمْ، فَقَالَ: إِنَّ جَدِّي كَانَ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ لَمَّا وُلِدَ لَهُ أَبِي، فَطَلَبَ إِلَيْهِ أَنْ يُسَمِّيَ ابْنَهُ بِاسْمِهِ فَفَعَلَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مَالِكٌ: لَقَدِ اشْتَرَيْتُمْ الِاسْمَ الْخَبِيثَ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ وَلَا نَرَى لَكَ حَقًّا فِيمَا تَدْعُو إِلَيْهِ. ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يُعَرِّفُهُ خَبَرَهُ، فَأَمَرَهُ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ، فَقَبَضَ عَلَيْهِمْ وَحَبَسَهُمْ، ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابُ أَبِي مُسْلِمٍ يَأْمُرُهُ بِإِطْلَاقِ الْحَسَنِ وَيَزِيدَ ابْنَيْ مُعَاوِيَةَ وَقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَأَمَرَ مَنْ وَضَعَ فِرَاشًا عَلَى وَجْهِهِ فَمَاتَ، وَأُخْرِجَ فَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ، وَقَبْرُهُ بِهَرَاةَ مَعْرُوفٌ يُزَارُ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

ذِكْرُ أَبِي حَمْزَةَ الْخَارِجِيِّ وَطَالِبِ الْحَقِّ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ أَبُو حَمْزَةَ وَبَلْجُ بْنُ عُقْبَةَ الْأَزْدِيُّ الْخَارِجِيُّ مِنَ الْحَجِّ مِنْ قِبَلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى الْحَضْرَمِيِّ طَالِبِ الْحَقِّ، مُحَكِّمًا لِلْخِلَافِ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ بِعَرَفَةَ مَا شَعَرُوا إِلَّا وَقَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ أَعْلَامٌ وَعَمَائِمُ سُودٌ عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ وَهُمْ سَبْعُمِائَةٍ، فَفَزِعَ النَّاسُ حِينَ رَأَوْهُمْ وَسَأَلُوهُمْ عَنْ حَالِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُمْ بِخِلَافِهِمْ مَرْوَانَ وَآلَ مَرْوَانَ. فَرَاسَلَهُمْ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ عَلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَطَلَبَ مِنْهُمُ الْهُدْنَةَ، فَقَالُوا: نَحْنُ بِحَجِّنَا أَضَنُّ وَعَلَيْهِ أَشَحُّ. فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ جَمِيعًا آمِنُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ حَتَّى يَنْفِرَ النَّاسُ النَّفْرَ الْأَخِيرِ، فَوَقَفُوا بِعَرَفَةَ عَلَى حِدَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>