للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَتَوَلَّ ذَلِكَ بِنَفْسِكَ وَابْعَثْهُ لِأَمْرٍ إِنْ قُتِلَ فِيهِ كُنْتَ قَدْ بَلَغْتَ الَّذِي تُرِيدُ، وَإِنْ ظَفِرَ كَانَ ظَفَرُهُ لَكَ.

وَأَشَارُوا عَلَيْهِ بِتَوْجِيهِهِ إِلَى مَنْ بِعُمَانَ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَإِلَى الْخَوَارِجِ الَّذِينَ بِجَزِيرَةِ ابْنِ كَاوَانَ مَعَ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الَيَشْكُرِيِّ، فَأَمَرَ السَّفَّاحُ بِتَوْجِيهِهِ مَعَ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ، وَكَتَبَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَهُوَ عَلَى الْبَصْرَةِ، بِحَمْلِهِمْ إِلَى جَزِيرَةِ ابْنِ كَاوَانَ وَعُمَانَ، فَسَارَ خَازِمٌ.

ذِكْرُ أَمْرِ الْخَوَارِجِ وَقَتْلِ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

فَلَمَّا سَارَ خَازِمٌ إِلَى الْبَصْرَةِ فِي الْجُنْدِ الَّذِينَ مَعَهُ، وَكَانَ قَدِ انْتَخَبَ مِنْ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ وَمَوَالِيهِ وَمِنْ أَهْلِ مَرْوِ الرُّوذِ مَنْ يَثِقُ بِهِ، فَلَمَّا وَصَلَ الْبَصْرَةَ حَمَلَهُمْ سُلَيْمَانُ فِي السُّفُنِ، وَانْضَمَّ إِلَيْهِ بِالْبَصْرَةِ أَيْضًا عِدَّةٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَسَارُوا فِي الْبَحْرِ حَتَّى أَرْسَوْا بِجَزِيرَةِ ابْنِ كَاوَانَ.

فَوَجَّهَ خَازِمٌ فَضْلَةَ بْنَ نُعَيْمٍ النَّهْشَلِيَّ فِي خَمْسِمِائَةٍ إِلَى شَيْبَانَ، فَالْتَقَوْا فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَرَكِبَ شَيْبَانُ وَأَصْحَابُهُ السُّفُنَ وَسَارُوا إِلَى عُمَانَ، وَهُمْ صُفْرِيَّةٌ. فَلَمَّا صَارُوا إِلَى عُمَانَ قَاتَلَهُمْ الْجُلُنْدَى وَأَصْحَابُهُ، وَهُمْ إِبَاضِيَّةٌ، وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ، فَقُتِلَ شَيْبَانُ وَمَنْ مَعَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَتْلُ شَيْبَانَ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ.

ثُمَّ سَارَ خَازِمٌ فِي الْبَحْرِ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى أَرْسَوْا إِلَى سَاحِلِ عُمَانَ، فَخَرَجُوا إِلَى الصَّحْرَاءِ، فَلَقِيَهُمُ الْجُلُنْدَى وَأَصْحَابُهُ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَكَثُرَ الْقَتْلُ يَوْمَئِذٍ فِي أَصْحَابِ خَازِمٍ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ أَخٌ لَهُ مِنْ أُمِّهِ فِي تِسْعِينَ رَجُلًا، ثُمَّ اقْتَتَلُوا مِنَ الْغَدِ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْخَوَارِجِ تِسْعُمِائَةٍ وَأُحْرِقَ مِنْهُمْ نَحْوٌ مِنْ تِسْعِينَ رَجُلًا.

ثُمَّ الْتَقَوْا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ مِنْ مَقْدِمِ خَازِمٍ عَلَى رَأْيٍ أَشَارَ بِهِ بَعْضُ أَصْحَابِ خَازِمٍ، أَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ أَصْحَابَهُ فَيَجْعَلُوا عَلَى أَطْرَافِ أَسِنَّتِهِمُ الْمُشَاقَةَ، وَيَرْوُوهَا بِالنِّفْطِ وَيُشْعِلُوا فِيهَا النِّيرَانَ ثُمَّ يَمْشُوا بِهَا حَتَّى يُضْرِمُوهَا فِي بُيُوتِ أَصْحَابِ الْجُلُنْدَى، وَكَانَتْ مِنْ خَشَبٍ.

فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ وَأُضْرِمَتْ بُيُوتُهُمْ بِالنِّيرَانِ اشْتَغَلُوا بِهَا وَبِمَنْ فِيهَا مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَأَهَالِيهِمْ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ خَازِمٌ وَأَصْحَابُهُ، فَوَضَعُوا فِيهِمُ السَّيْفَ فَقَتَلُوهُمْ، وَقَتَلُوا الْجُلُنْدَى فِيمَنْ قُتِلَ، وَبَلَغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>