للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧] . فَسَجَدَ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ، فَلَمْ يَسْجُدْ كِبْرًا، وَبَغْيًا، وَحَسَدًا. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: {يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] إِلَى قَوْلِهِ: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥] . فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ إِبْلِيسَ وَمُعَاتَبَتِهِ، وَأَبَى إِلَّا الْمَعْصِيَةَ، وَأَوْقَعَ اللَّعْنَةَ، وَأَيْأَسَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجَنَّةِ.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: أُنْزِلَ إِبْلِيسُ مُشْتَمِلَ الصَّمَّاءِ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَعْوَرَ فِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ نَعْلٌ.

وَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ: نَزَلَ إِبْلِيسُ مُخْتَصِرًا فَلِذَلِكَ كُرِهَ الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمَّا أُنْزِلَ قَالَ: يَا رَبِّ، أَخْرَجْتَنِي مِنَ الْجَنَّةِ لِأَجْلِ آدَمَ، وَإِنِّي لَا أَقْوَى عَلَيْهِ إِلَّا بِسُلْطَانِكَ. قَالَ: فَأَنْتَ مُسَلَّطٌ. قَالَ: زِدْنِي. قَالَ: لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا وُلِدَ لَكَ مِثْلُهُ. قَالَ: زِدْنِي. قَالَ: صُدُورُهُمْ مَسَاكِنُ لَكَ، وَتَجْرِي مِنْهُمْ مَجْرَى الدَّمِ. قَالَ: زِدْنِي. قَالَ: أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجْلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ.

قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، قَدْ أَنْظَرْتَهُ، وَسَلَّطْتَهُ عَلِيَّ، وَإِنَّنِي لَا أَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلَّا بِكَ. قَالَ: لَا يُولَدُ لَكَ وَلَدٌ إِلَّا وَكَّلْتُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ. قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي. قَالَ: الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَأَزِيدُهَا، وَالسَّيِّئَةُ بِوَاحِدَةٍ، وَأَمْحُوهَا. قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي. قَالَ: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣] قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي. قَالَ: التَّوْبَةُ لَا أَمْنَعُهَا مِنْ وَلَدِكَ مَا كَانَتْ فِيهِمُ الرُّوحُ. قَالَ: يَا رَبِّ، زِدْنِي. قَالَ: أَغْفِرُ وَلَا أُبَالِي. قَالَ: حَسْبِي.

ثُمَّ قَالَ اللَّهُ لِآدَمَ: إِيتِ أُولَئِكَ النَّفَرَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَقُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَأَتَاهُمْ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ بَيْنَهُمْ. فَلَمَّا امْتَنَعَ إِبْلِيسُ مِنَ السُّجُودِ وَظَهَرَ لِلْمَلَائِكَةِ مَا كَانَ مُسْتَتِرًا عَنْهُمْ عَلَّمَ اللَّهُ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا.

الْأَسْمَاءُ الَّتِي عَلَّمَهَا اللَّهُ آدَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>