للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دُمُوعُهُ عَلَى خَدِّ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي كُنْتُ لِهَذَا كَارِهًا! وَلَكِنَّكَ ابْتُلِيتَ بِي وَابْتُلِيتُ بِكَ! .

ثُمَّ جَلَسَ مَجْلِسًا عَامًّا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ. فَكَانَ الدَّاخِلُ يَدْخُلُ فَيَتَنَاوَلُ إِبْرَاهِيمَ وَيُسِيءُ الْقَوْلَ فِيهِ، وَيَذْكُرُ فِيهِ الْقَبِيحَ الْتِمَاسًا لِرِضَاءِ الْمَنْصُورِ، وَالْمَنْصُورُ مُمْسِكٌ مُتَغَيِّرٌ لَوْنُهُ.

حَتَّى دَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الدَّارِمِيُّ فَوَقَفَ فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي ابْنِ عَمِّكَ، وَغَفَرَ لَهُ مَا فَرَّطَ فِيهِ فِي حَقِّكَ! فَأَسْفَرَ لَوْنُ الْمَنْصُورِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ: يَا أَبَا خَالِدٍ مَرْحَبًا [وَأَهْلًا] هَاهُنَا! فَعَلِمَ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْضِيهِ، فَقَالُوا مِثْلَ قَوْلِهِ.

وَقِيلَ: لَمَّا وُضِعَ الرَّأْسُ بَصَقَ فِي وَجْهِهِ رَجُلٌ مِنَ الْحَرَسِ، فَأَمَرَ بِهِ الْمَنْصُورُ فَضُرِبَ بِالْعُمُدِ فَهُشِّمَتْ أَنْفُهُ وَوَجْهُهُ، وَضُرِبَ حَتَّى خَمَدَ، وَأَمَرَ بِهِ فَجَرُّوا رِجْلَهُ فَأَلْقَوْهُ خَارِجَ الْبَابِ.

وَقِيلَ: وَنَظَرَ الْمَنْصُورُ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مُدَّةٍ رَاكِبًا فَقَالَ: لِلَّهِ الْعَجَبُ كَيْفَ يُفْلِتُنِي ابْنُ الْفَاعِلَةِ!

انْقَضَى أَمْرُ إِبْرَاهِيمَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

وَفِيهَا خَرَجَتِ التُّرْكُ وَالْخَزَرُ بِبَابِ الْأَبْوَابِ، فَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِإِرْمِينِيَّةَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً.

وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ السَّرِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَكَانَ عَلَى مَكَّةَ، وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ، وَعَلَى الْكُوفَةِ: عِيسَى بْنُ مُوسَى، وَعَلَى الْبَصْرَةِ: سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْبَاهِلِيُّ، وَعَلَى قَضَائِهَا: عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَلَى مِصْرَ: يَزِيدُ بْنُ حَاتِمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>