فَخُوِّفَتْ، فَمَاتَتْ مِنَ الْفَزَعِ.
ذِكْرُ ظُهُورِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ ظَهَرَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الْمَقْتُولُ بِفَخٍّ عِنْدَ مَكَّةَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْهَادِيَ اسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَلَمَّا وَلِيَهَا أَخَذَ أَبَا الزِّفْتِ الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمُسْلِمَ بْنَ جُنْدُبٍ، الشَّاعِرَ الْهُذَلِيَّ، وَعُمَرَ بْنَ سَلَّامٍ، مَوْلَى آلِ عُمَرَ، عَلَى شَرَابٍ لَهُمْ فَأَمَرَ بِهِمْ، فَضُرِبُوا جَمِيعًا، وَجُعِلَ فِي أَعْنَاقِهِمْ حِبَالٌ، وَطِيفَ بِهِمْ فِي الْمَدِينَةِ.
فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ إِلَى الْعُمَرِيِّ وَقَالَ لَهُ: قَدْ ضَرَبْتَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَكَ أَنْ تَضْرِبَهُمْ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ لَا يَرَوْنَ بِهِ بَأْسًا، فَلِمَ تُطَوِّفُ بِهِمْ؟ فَأَمَرَ بِهِمْ فَرُدُّوا، وَحَبَسَهُمْ.
ثُمَّ إِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ، وَيَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ، كَفَلَا الْحَسَنَ بْنَ مُحَمَّدٍ، فَأَخْرَجَهُ الْعُمَرِيُّ مِنَ الْحَبْسِ، وَكَانَ قَدْ ضَمِنَ بَعْضُ آلِ أَبِي طَالِبٍ بَعْضًا، وَكَانُوا يُعْرَضُونَ، فَغَابَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَرْضِ يَوْمَيْنِ، فَأَحْضَرَ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَيَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَأَلَهُمَا عَنْهُ، وَأَغْلَظَ لَهُمَا، فَحَلَفَ لَهُ يَحْيَى أَنَّهُ لَا يَنَامُ حَتَّى يَأْتِيَهُ بِهِ، أَوْ يَدُقَّ عَلَيْهِ بَابَ دَارِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ جَاءَهُ بِهِ.
فَلَمَّا خَرَجَا قَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ تَجِدُ حَسَنًا؟ حَلَفْتَ لَهُ بِشَيْءٍ لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا نِمْتُ حَتَّى أَضْرِبَ عَلَيْهِ بَابَ دَارِهِ بِالسَّيْفِ. فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: إِنَّ هَذَا يَنْقُضُ مَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَصْحَابِنَا مِنَ الْمِيعَادِ.
وَكَانُوا قَدْ تَوَاعَدُوا عَلَى أَنْ يَظْهَرُوا بِمِنًى وَبِمَكَّةَ فِي الْمَوْسِمِ، فَقَالَ يَحْيَى: قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَانْطَلَقَا وَعَمِلَا فِي ذَلِكَ مِنْ لَيْلَتِهِمْ، وَخَرَجُوا آخِرَ اللَّيْلِ، وَجَاءَ يَحْيَى حَتَّى ضَرَبَ عَلَى الْعُمَرِيِّ بَابَ دَارِهِ، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَجَاءُوا فَاقْتَحَمُوا الْمَسْجِدَ وَقْتَ الصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى الْحُسَيْنُ الصُّبْحَ أَتَاهُ النَّاسُ، فَبَايَعُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ لِلْمُرْتَضَى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَجَاءَ خَالِدٌ الْبَرِيدِيُّ فِي مِائَتَيْنِ مِنَ الْجُنْدِ، وَجَاءَ الْعُمَرِيُّ، وَوَزِيرُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَزْرَقُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ وَاقِدٍ الشَّرَوِيُّ، وَمَعَهُ نَاسٌ كَثِيرٌ، فَدَنَا خَالِدٌ مِنْهُمْ، فَقَامَ إِلَيْهِ يَحْيَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute