وَالِدِهِ، وَكَتَبَ إِلَى أَخِيهِ هِشَامً يُعَرِّفُهُ مَوْتَ وَالِدِهِ، وَالْبَيْعَةَ لَهُ، فَسَارَ مِنْ سَاعَتِهِ إِلَى قُرْطُبَةَ، فَدَخَلَهَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، وَاسْتَوْلَى عَلَى الْمُلْكِ، وَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى دَارِهِ، مُظْهِرًا لِطَاعَتِهِ، وَفِي نَفْسِهِ غَيْرُ هَذَا، وَسَنَذْكُرُ مَا كَانَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ذِكْرُ الصَّحْصَحِ الْخَارِجِيِّ
وَفِيهَا خَرَجَ الصَّحْصَحُ الْخَارِجِيُّ بِالْجَزِيرَةِ، وَكَانَ عَلَيْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَوَجَّهَ عَسْكَرًا إِلَى الصَّحْصَحِ، فَلَقُوهُ، فَهَزَمَهُمْ، وَسَارَ الصَّحْصَحُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَلَقِيَهُ عَسْكَرُهَا بِبَاجَرْمَى، فَقَتَلَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، وَرَجَعَ إِلَى الْجَزِيرَةِ، فَغَلَبَ عَلَى دِيَارِ رَبِيعَةَ، فَسَيَّرَ الرَّشِيدُ إِلَيْهِ جَيْشًا بِدُورَيْنِ، فَقَتَلُوهُ، وَعَزَلَ الرَّشِيدُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الْجَزِيرَةِ.
ذِكْرُ قَتْلِ رَوْحِ بْنِ صَالِحٍ
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي تَغْلِبَ رَوْحَ بْنَ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيَّ، وَهُوَ مِنْ قُوَّادِ الْمَوْصِلِ، فَجَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَغْلِبَ خِلَافٌ، فَجَمَعَ جَمْعًا، وَقَصَدَهُمْ، فَبَلَغَهُمُ الْخَبَرُ، فَاجْتَمَعُوا، وَسَارُوا إِلَى رَوْحٍ فَبَيَّتُوهُ، فَقُتِلَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَسَمِعَ حَاتِمُ بْنُ صَالِحٍ، وَهُوَ بِالسُّكَيْرِ، فَجَمَعَ جَمْعًا كَثِيرًا، وَسَارَ إِلَى تَغْلِبَ، فَبَيَّتَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَسَرَ مِثْلَهُمْ.
وَفِيهَا عَزَلَ الرَّشِيدُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ صَالِحٍ الْهَاشِمِيَّ عَنِ الْمَوْصِلِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا إِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ.
ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ رَوْحِ بْنِ حَاتِمٍ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ
وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الرَّشِيدُ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ رَوْحَ بْنَ حَاتِمِ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ، لَمَّا بَلَغَهُ وَفَاةُ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ حَاتِمٍ بِهَا، عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، فَقَدِمَهَا فِي رَجَبٍ، وَكَانَ دَاوُدُ بْنُ يَزِيدَ أَخِيهِ عَلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَلَمَّا وَصَلَ عَمُّهُ رَوْحٌ سَارَ دَاوُدُ إِلَى الرَّشِيدِ، فَاسْتَعْمَلَهُ.
قَالَ رَوْحٌ: كُنْتُ عَامِلًا عَلَى فَلَسْطِينَ، فَأَحْضَرَنِي الرَّشِيدُ، فَوَصَلْتُ وَقَدْ بَلَغَهُ مَوْتُ أَخِي يَزِيدَ، فَقَالَ: أَحْسَنَ اللَّهُ عَزَاءَكَ فِي أَخِيكَ، وَقَدْ وَلَّيْتُكَ مَكَانَهُ لِتَحْفَظَ صَنَائِعَهُ وَمَوَالِيَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute