أَصْحَابِ ابْنِ الْجَارُودِ، وَسَارَ إِلَى هَرْثَمَةَ وَسَارَ ابْنُ الْجَارُودِ أَيْضًا إِلَى هَرْثَمَةَ، فَسَيَّرَهُ هَرْثَمَةُ إِلَى الرَّشِيدِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يُعْلِمُهُ أَنَّ الْعَلَاءَ كَانَ سَبَبَ خُرُوجِهِ، فَكَتَبَ الرَّشِيدُ يَأْمُرُهُ بِإِرْسَالِ الْعَلَاءِ إِلَيْهِ، فَسَيَّرَهُ، فَلَمَّا وَصَلَ لَقِيَهُ صِلَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الرَّشِيدِ وَخُلَعٌ، فَلَمْ يَلْبَثْ بِمِصْرَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى تُوُفِّيَ.
وَأَمَّا ابْنُ الْجَارُودِ فَإِنَّهُ اعْتُقِلَ بِبَغْدَاذَ، وَسَارَ هَرْثَمَةُ إِلَى الْقَيْرَوَانِ، فَقَدِمَهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَآمَنَ النَّاسَ وَسَكَّنَهُمْ، وَبَنَى الْقَصْرَ الْكَبِيرَ بِالْمُنَسْتِيرِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَبَنَى سُورَ مَدِينَةِ طَرَابُلُسَ مِمَّا يَلِي الْبَحْرَ.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَغْلَبِ بِوِلَايَةِ الزَّابِ، فَأَكْثَرَ الْهَدِيَّةَ إِلَى هَرْثَمَةَ وَلَاطَفَهُ، فَوَلَّاهُ هَرْثَمَةُ نَاحِيَةً مِنَ الزَّابِ فَحَسُنَ أَثَرُهُ (فِيهَا.
ثُمَّ إِنَّ عِيَاضَ بْنَ وَهْبٍ الْهَوَّارِيَّ وَكُلَيْبَ بْنَ جُمَيْعٍ الْكَلْبِيَّ جَمَعَا جُمُوعًا، وَأَرَادَا قِتَالَ هَرْثَمَةَ، فَسَيَّرَ إِلَيْهِمَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى فِي جَيْشٍ كَثِيرٍ، فَفَرَّقَ جُمُوعَهُمَا، وَقَتَلَ كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِمَا، وَعَادَ إِلَى الْقَيْرَوَانِ) .
وَلَمَّا رَأَى هَرْثَمَةُ مَا بِإِفْرِيقِيَّةَ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَاصَلَ كُتُبَهُ إِلَى الرَّشِيدِ يَسْتَعْفِي، فَأُمِرَ بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ إِلَى الْعِرَاقِ (فَسَارَ عَنْ إِفْرِيقِيَّةَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ) ، فَكَانَتْ وِلَايَتُهُ سَنَتَيْنِ وَنِصْفًا.
ذِكْرُ الْفِتْنَةِ بِالْمَوْصِلِ.
وَفِيهَا خَالَفَ الْعَطَّافُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ عَلَى الرَّشِيدِ، وَكَانَ مِنْ فُرْسَانِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ آلَافِ رَجُلٍ، وَجَبَى الْخَرَاجَ، وَكَانَ عَامِلُ الرَّشِيدِ عَلَى الْمَوْصِلِ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ الْهَاشِمِيَّ، وَقِيلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ صَالِحٍ، وَالْعَطَّافُ غَالِبٌ عَلَى الْأَمْرِ كُلِّهِ، وَهُوَ يَجْبِي الْخَرَاجَ، وَأَقَامَ عَلَى هَذَا سَنَتَيْنِ، حَتَّى خَرَجَ الرَّشِيدُ إِلَى الْمَوْصِلِ فَهَدَمَ سُورَهَا بِسَبَبِهِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ الرَّشِيدُ جَعْفَرَ بْنَ يَحْيَى عَنْ مِصْرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا إِسْحَاقَ بْنَ سُلَيْمَانَ، وَعَزَلَ حَمْزَةَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ خُرَاسَانَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا الْفَضْلَ بْنَ يَحْيَى الْبَرْمَكِيَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute