وَحَجَّ بِالنَّاسِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْهَادِي.
وَفِيهَا مَاتَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بِبَغْدَاذَ فِي حَبْسِ الرَّشِيدِ.
وَكَانَ سَبَبُ حَبْسِهِ أَنَّ الرَّشِيدَ اعْتَمَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، فَلَمَّا عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ - عَلَى سَاكِنِهَا السَّلَامُ - دَخَلَ إِلَى قَبْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزُورُهُ، وَمَعَهُ النَّاسُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْقَبْرِ وَقَفَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَابْنَ عَمِّ، افْتِخَارًا عَلَى مَنْ حَوْلِهِ، فَدَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَهْ. فَتَغَيَّرَ وَجْهُ الرَّشِيدِ وَقَالَ: هَذَا الْفَخْرُ يَا أَبَا الْحَسَنِ جَدًّا. ثُمَّ أَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الْعِرَاقِ، فَحَبَسَهُ عِنْدَ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ، (وَتَوَلَّتْ حَبْسَهُ أُخْتُ السِّنْدِيِّ بْنِ شَاهَكَ) ، وَكَانَتْ تَتَدَيَّنُ، فَحَكَتْ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى الْعَتَمَةَ حَمِدَ اللَّهَ وَمَجَّدَهُ وَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَزُولَ اللَّيْلُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي، حَتَّى يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَذْكُرُ اللَّهَ - تَعَالَى - حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ يَقْعُدُ إِلَى ارْتِفَاعِ الضُّحَى، ثُمَّ يَرْقُدُ، وَيَسْتَيْقِظُ قَبْلَ الزَّوَالِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي، حَتَّى يُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَتَمَةِ، فَكَانَ هَذَا دَأْبَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ.
وَكَانَتْ إِذَا رَأَتْهُ قَالَتْ: خَابَ قَوْمٌ تَعَرَّضُوا لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ!
وَكَانَ يُلَقَّبُ بِالْكَاظِمِ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُحْسِنُ إِلَى مَنْ يُسِيءُ إِلَيْهِ، كَانَ هَذَا عَادَتَهُ أَبَدًا، وَلَمَّا كَانَ مَحْبُوسًا بَعَثَ إِلَى الرَّشِيدِ بِرِسَالَةٍ أَنَّهُ لَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي يَوْمٌ مِنَ الْبَلَاءِ إِلَّا يَنْقَضِي عَنْكَ مَعَهُ يَوْمٌ مِنَ الرَّخَاءِ، حَتَّى يَنْقَضِيَا جَمِيعًا إِلَى يَوْمٍ لَيْسَ لَهُ انْقِضَاءٌ يَخْسَرُ فِيهِ الْمُبْطِلُونَ.
(وَفِيهَا كَانَتْ بِالْأَنْدَلُسِ فِتْنَةٌ وَحَرْبٌ بَيْنَ قَائِدٍ كَبِيرٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ، وَبَيْنَ بَهْلُولِ بْنِ مَرْزُوقٍ، وَهُوَ مِنْ أَعْيَانِ الْأَنْدَلُسِ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْبَلَنْسِيُّ مَعَ أَبِي عِمْرَانَ، فَانْهَزَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute