ذِكْرُ اسْتِيلَاءِ إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ
وَكَانَ بِقَصْرِ ابْنِ هُبَيْرَةَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَامِلًا لِلْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ، وَمَعَهُ مِنَ الْقُوَّادِ سَعِيدُ بْنُ السَّاجُورِ، وَأَبُو الْبَطِّ، وَغَسَّانُ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْإِفْرِيقِيُّ وَغَيْرُهُمْ، فَكَاتَبُوا إِبْرَاهِيمَ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ قَصْرَ ابْنِ هُبَيْرَةَ، وَكَانُوا قَدْ تَحَرَّفُوا عَنْ حُمَيْدٍ، وَكَتَبُوا إِلَى الْحَسَنِ بْنِ سَهْلٍ يُخْبِرُونَهُ أَنَّ حُمَيْدًا يُكَاتِبُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ حُمَيْدٌ يَكْتُبُ فِيهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَكَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى حُمَيْدٍ يَسْتَدْعِيهِ إِلَيْهِ، فَلَمْ يَفْعَلْ، خَافَ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ، فَيَأْخُذَ هَؤُلَاءِ الْقُوَّادُ مَالَهُ وَعَسْكَرَهُ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا أَلَحَّ الْحَسَنُ عَلَيْهِ بِالْكُتُبِ سَارَ إِلَيْهِ فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَكَتَبَ أُولَئِكَ الْقُوَّادُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ لِيُنْفِذَ إِلَيْهِمْ عِيسَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، فَوَجَّهَهُ إِلَيْهِمْ، فَانْتَهَبُوا مَا فِي عَسْكَرِ حُمَيْدٍ، فَكَانَ مِمَّا أَخَذُوا لَهُ مِائَةُ بَدْرَةٍ، وَأَخَذَ ابْنُ حُمَيْدٍ جَوَارِيَ أَبِيهِ، وَسَارَ إِلَيْهِ وَهُوَ بِعَسْكَرِ الْحَسَنِ، وَدَخَلَ عِيسَى الْقَصْرَ، وَتَسَلَّمَهُ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، فَقَالَ حُمَيْدٌ لِلْحَسَنِ: أَلَمْ أُعْلِمْكَ؟ لَكِنَّكَ خُدِعْتَ.
وَعَادَ إِلَى الْكُوفَةِ، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا الْعَبَّاسَ بْنَ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ الْعَلَوِيَّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ لِأَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى بَعْدَ الْمَأْمُونِ، وَأَعَانَهُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ لَهُ: قَاتِلْ عَنْ أَخِيكَ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يُجِيبُونَكَ إِلَى ذَلِكَ وَأَنَا مَعَكَ.
فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ خَرَجَ حُمَيْدٌ إِلَى الْحَسَنِ، وَكَانَ الْحَسَنُ قَدْ وَجَّهَ حَكِيمًا الْحَارِثِيَّ إِلَى النِّيلِ، فَسَارَ إِلَيْهِ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ حَكِيمٌ، فَدَخَلَ عِيسَى النِّيلَ، وَوَجَّهَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْكُوفَةِ سَعِيدًا وَأَبَا الْبَطِّ، لِقِتَالِ الْعَبَّاسِ بْنِ مُوسَى، وَكَانَ الْعَبَّاسُ قَدْ دَعَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَأَجَابَهُ بَعْضُهُمْ.
وَأَمَّا الْغُلَاةُ مِنَ الشِّيعَةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ كُنْتَ تَدْعُونَا لِأَخِيكَ وَحْدَهُ فَنَحْنُ مَعَكَ، وَأَمَّا الْمَأْمُونُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَدْعُو لِلْمَأْمُونِ، وَبَعْدَهُ لِأَخِي. فَقَعَدُوا عَنْهُ.
فَلَمَّا أَتَاهُ سَعِيدٌ وَأَبُو الْبَطِّ وَنَزَلُوا قَرْيَةَ شَاهِي بَعَثَ إِلَيْهِمُ الْعَبَّاسُ ابْنُ عَمِّهِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَهُوَ ابْنُ الَّذِي بُويِعَ لَهُ بِمَكَّةَ، وَبَعَثَ مَعَهُ جَمَاعَةً، مِنْهُمْ أَخُو أَبِي السَّرَايَا، فَاقْتَتَلُوا سَاعَةً، فَانْهَزَمَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ، وَنَزَلَ سَعِيدٌ وَأَصْحَابُهُ الْحِيرَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ ثَانِي جُمَادَى الْأُولَى، ثُمَّ تَقَدَّمُوا فَقَاتَلُوا أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَخَرَجَ إِلَى شِيعَةِ بَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute