الْهَاشِمِيُّونَ وَالْقَوَّادُ يَأْتُونَ حُمَيْدًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ سُقِطَ فِي يَدَيْهِ، وَشَقَّ عَلَيْهِ، وَكَاتَبَ الْمُطَّلِبُ حُمَيْدًا لِيُسَلِّمَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الْجَانِبَ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ السَّاجُورِ، وَأَبُو الْبَطِّ وَغَيْرُهُمَا، يُكَاتِبُونَ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا لَهُ إِبْرَاهِيمَ، فَلَمَّا عَلِمَ إِبْرَاهِيمُ بِأَمْرِهِمْ، وَمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ كُلُّ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، جَعَلَ يُدَارِيهِمْ، فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّيْلُ اخْتَفَى لَيْلَةَ الْأَرْبَعَاءِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِيَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ.
وَبَعَثَ الْمُطَّلِبُ إِلَى حُمَيْدٍ يُعْلِمُهُ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَقَ بِدَارِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَتَبَ ابْنُ السَّاجُورِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ هِشَامٍ، فَرَكِبَ حُمَيْدٌ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ أَرْحَاءِ عَبْدِ اللَّهِ، فَأَتَى بَابَ الْجِسْرِ، وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ حَتَّى نَزَلَ نَهْرَ بَيْنَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ إِلَى مَسْجِدِ كَوْثَرٍ، وَأَقْبَلَ حُمَيْدٌ إِلَى دَارِ إِبْرَاهِيمَ، فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فِيهَا، فَلَمْ يَزَلْ إِبْرَاهِيمُ مُتَوَارِيًا حَتَّى جَاءَ الْمَأْمُونُ، وَبَعْدَ مَا قَدِمَ، حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ.
وَكَانَتْ أَيَّامُ إِبْرَاهِيمَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا وَاثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَكَانَ بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ هِشَامٍ عَلَى شَرْقِيِّ بَغْدَاذَ، وَحُمَيْدٌ عَلَى غَرْبِيِّهَا.
وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ قَدْ أَطْلَقَ سَهْلَ بْنَ سَلَامَةَ مِنَ الْحَبْسِ، وَكَانَ النَّاسُ يَظُنُّونَهُ قَدْ قُتِلَ، فَكَانَ يَدْعُو فِي مَسْجِدِ الرُّصَافَةِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ يُرَدُّ إِلَى حَبْسِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ أَطْلَقَهُ، وَخَلَّى سَبِيلَهُ لِلَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَذَهَبَ، فَاخْتَفَى، ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ هَرَبِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَرَّبَهُ حُمَيْدٌ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَرَدَّهُ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَمَّا جَاءَ الْمَأْمُونُ أَجَازَهُ وَوَصَلَهُ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، حَتَّى ذَهَبَ ضَوْءُهَا، غَابَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلْثَيْهَا.
وَوَصَلَ الْمَأْمُونُ إِلَى هَمَذَانَ فِي آخِرِ ذِي الْحِجَّةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute