عَنْكَ سُوءَ الظَّنِّ بِهِمْ، وَارْفُضْهُ فِيهِمْ يُعِنْكَ ذَلِكَ عَلَى اصْطِنَاعِهِمْ وَرِيَاضَتِهِمْ، وَلَا يَجِدَنَّ عَدُوُّ اللَّهِ الشَّيْطَانُ فِي أَمْرِكَ مَغْمَزًا، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَكْتَفِي بِالْقَلِيلِ مِنْ وَهَنِكَ، وَيُدْخِلُ عَلَيْكَ مِنَ الْغَمِّ فِي سُوءِ الظَّنِّ مَا يُنَغِّصُكَ لَذَاذَةَ عَيْشِكَ.
وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَجِدُ بِحُسْنِ الظَّنِّ قُوَّةً وَرَاحَةً، وَتَكْتَفِي بِهِ مَا أَحْبَبْتَ كِفَايَتَهُ مِنْ أُمُورِكَ، وَتَدْعُو بِهِ النَّاسَ إِلَى مَحَبَّتِكَ وَالِاسْتِقَامَةِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا لَكَ، وَلَايَمْنَعَنَّكَ حُسْنُ الظَّنِّ بِأَصْحَابِكَ، وَالرَّأْفَةُ بِرَعِيَّتِكَ، أَنْ تَسْتَعْمِلَ الْمَسْأَلَةَ وَالْبَحْثَ عَنْ أُمُورِكَ، وَلْتَكُنِ الْمُبَاشَرَةُ لِأُمُورِ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْحِيَاطَةُ لِلرَّعِيَّةِ، وَالنَّظَرُ فِيمَا يُقِيمُهَا وَيُصْلِحُهَا، وَالنَّظَرُ فِي حَوَائِجِهِمْ، وَحَمْلُ مَئُونَاتِهِمْ - آثَرُ عِنْدَكَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ أَقْوَمُ لِلدِّينِ، وَأَحْيَا لِلسُّنَّةِ.
وَأَخْلِصْ نِيَّتَكَ فِي جَمِيعِ هَذَا، وَتَفَرَّدْ بِتَقْوِيمِ نَفْسِكَ تَفَرُّدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ مَسْئُولٌ عَمَّا صَنَعَ، وَمَجْزِيٌّ بِمَا أَحْسَنَ، وَمَأْخُوذٌ بِمَا أَسَاءَ، فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - جَعَلَ الدِّينَ حِرْزًا وَعِزًّا، وَرَفَعَ مَنِ اتَّبَعَهُ وَعَزَّزَهُ، فَاسْلُكْ بِمَنْ تَسُوسُهُ وَتَرْعَاهُ نَهْجَ الدِّينِ، وَطَرِيقَةَ الْهُدَى.
وَأَقِمْ حُدُودَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي أَصْحَابِ الْجَرَائِمِ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ، وَمَا اسْتَحَقُّوهُ، وَلَا تُعَطِّلْ ذَلِكَ، وَلَا تَهَاوَنْ بِهِ، وَلَا تُؤَخِّرْ عُقُوبَةَ أَهْلِ الْعُقُوبَةِ، فَإِنَّ فِي تَفْرِيطِكَ فِي ذَلِكَ مَا يُفْسِدُ عَلَيْكَ حُسْنَ ظَنِّكِ، وَاعْتَزِمْ عَلَى أَمْرِكَ فِي ذَلِكَ بِالسُّنَنِ الْمَعْرُوفَةِ، وَجَانِبِ الْبِدَعَ وَالشُّبَهَاتِ يَسْلَمْ لَكَ دِينُكَ، وَتَقُمْ لَكَ مُرُوءَتُكَ.
وَإِذَا عَاهَدْتَ عَهْدًا فَفِ بِهِ، وَإِذَا وَعَدْتَ خَيْرًا فَأَنْجِزْهُ، وَاقْبَلِ الْحَسَنَةَ وَادْفَعْ بِهَا، وَأَغْمِضْ عَنْ عَيْبِ كُلِّ ذِي عَيْبٍ مِنْ رَعِيَّتِكَ، وَاشْدُدْ لِسَانَكَ عَنْ قَوْلِ الْكَذِبِ وَالزُّورِ، وَأَبْغِضْ أَهْلَهُ، وَأَقْصِ أَهْلَ النَّمِيمَةِ، فَإِنَّ أَوَّلَ فَسَادِ أُمُورِكَ، فِي عَاجِلِهَا وَآجِلِهَا - تَقْرِيبُ الْكَذُوبِ، وَالْجُرْأَةُ عَلَى الْكَذِبِ ; لِأَنَّ الْكَذِبَ رَأْسُ الْمَآثِمِ، وَالزُّورَ وَالنَّمِيمَةَ خَاتِمَتُهَا ; لِأَنَّ النَّمِيمَةَ لَا يَسْلَمُ صَاحِبُهَا وَقَائِلُهَا، وَلَا يَسْلَمُ لَهُ صَاحِبٌ، وَلَا يَسْتَتِمُّ لِمُعْطِيهَا أَمْرٌ.
وَأَحِبَّ أَهْلَ الصَّلَاحِ وَالصِّدْقِ، وَأَعِنِ الْأَشْرَافَ بِالْحَقِّ، وَآسِ الضُّعَفَاءَ، وَصِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute