للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّهَاوُنَ يُورِثُ التَّفْرِيطَ، وَالتَّفْرِيطُ يُورِثُ الْبَوَارَ، وَلْيَكُنْ عَمَلُكَ لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَارْجُ الثَّوَابَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ - قَدْ أَسْبَغَ عَلَيْكَ نِعْمَتَهُ، وَأَسْبَغَ لَدَيْكَ فَضْلَهُ، وَاعْتَصِمْ بِالشُّكْرِ، وَعَلَيْهِ فَاعْتَمِدْ، يَزِدْكَ اللَّهُ خَيْرًا وَإِحْسَانًا، فَإِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يُثَبِّتُ شُكْرَ الشَّاكِرِينَ وَسِيرَةَ الْمُحْسِنِينَ.

وَلَا تَحْقِرَنَّ دَيْنًا، وَلَا تُمَالِئَنَّ حَاسِدًا، وَلَا تَرْحَمَنَّ فَاجِرًا، وَلَا تَصِلَنَّ كَفُورًا، وَلَا تُدَاهِنَنَّ عَدُوًّا، وَلَا تُصَدِّقَنَّ نَمَّامًا، وَلَا تَأْمَنَنَّ غَدَّارًا، وَلَا تُوَالِيَنَّ فَاسِقًا، وَلَا تَتْبَعَنَّ غَاوِيًا، وَلَا تَحْمَدَنَّ مُرَائِيًا، وَلَا تَحْقِرَنَّ إِنْسَانًا، وَلَا تَرُدَّنَّ سَائِلًا فَقِيرًا، وَلَا تُجِيبَنَّ بَاطِلًا، وَلَا تُلَاحِظَنَّ مُضْحِكًا، وَلَا تُخْلِفَنَّ وَعْدًا، وَلَا تَرْهَبَنَّ فَجْرًا، وَلَا تَرْكَبَنَّ سَفَهًا، وَلَا تُظْهِرَنَّ غَضَبًا، وَلَا تَمْشِيَنَّ مَرَحًا، وَلَا تُفَرِّطَنَّ فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ، وَلَا تَدْفَعِ الْأَيَّامَ عِتَابًا، وَلَا تُغْمِضَنَّ عَنْ ظَالِمٍ رَهْبَةً مِنْهُ، أَوْ مُحَابَاةً، وَلَا تَطْلُبَنَّ ثَوَابَ الْآخِرَةِ فِي الدُّنْيَا.

وَأَكْثِرْ مُشَاوَرَةَ الْفُقَهَاءِ، وَاسْتَعْمِلْ نَفْسَكَ بِالْحِلْمِ، وَخُذْ عَنْ أَهْلِ التَّجَارُبِ وَذَوِي الْعَقْلِ، وَالرَّأْيِ، وَالْحِكْمَةِ، وَلَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَالنِّحَلِ، وَلَا تَسْمَعَنَّ لَهُمْ قَوْلًا، فَإِنَّ ضَرَرَهُمْ أَكْثَرُ مِنْ مَنْفَعَتِهِمْ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَسْرَعُ فَسَادًا لِمَا اسْتَقْبَلْتَ فِيهِ أَمْرَ رَعِيَّتِكَ مِنَ الشُّحِّ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا كُنْتَ حَرِيصًا كُنْتَ كَثِيرَ الْأَخْذِ، قَلِيلَ الْعَطِيَّةِ، وَإِذَا كُنْتَ كَذَلِكَ لَمْ يَسْتَقِمْ لَكَ أَمْرُكَ إِلَّا قَلِيلًا، فَإِنَّ رَعِيَّتَكَ إِنَّمَا تَعْقِدُ عَلَى مَحَبَّتِكَ بِالْكَفِّ عَنْ أَمْوَالِهِمْ، وَتَرْكِ الْجَوْرِ عَلَيْهِمْ، وَيَدُومُ صَفَاءُ أَوْلِيَائِكَ بِالْإِفْضَالِ عَلَيْهِمْ، وَحُسْنِ الْعَطِيَّةِ لَهُمْ، وَاجْتَنِبِ الشُّحَّ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ أَوَّلُ مَا عَصَى الْإِنْسَانُ بِهِ رَبَّهُ، وَأَنَّ الْعَاصِيَ بِمَنْزِلَةِ خِزْيٍ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: ٩] .

وَاجْعَلْ لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهُمْ مِنْ نِيَّتِكَ حَظًّا وَنِصِيبًا، وَأَيْقِنْ أَنَّ الْجُودَ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ، فَاعْدُدْ لِنَفْسِكَ خُلُقًا، وَسَهِّلْ طَرِيقَ الْجُودِ بِالْحَقِّ، وَارْضَ بِهِ عَمَلًا وَمَذْهَبًا، وَتَفَقَّدْ أُمُورَ الْجُنْدِ فِي دَوَاوِينِهِمْ، وَمَكَاتِبِهِمْ، وَادْرُرْ عَلَيْهِمْ أَرْزَاقَهُمْ، وَوَسِّعْ عَلَيْهِمْ فِي مَعَايِشِهِمْ -

<<  <  ج: ص:  >  >>