يَوْمَيْنِ فَيَشْغَلُكَ ذَلِكَ، حَتَّى تُعْرِضَ عَنْهُ، وَإِذَا أَمْضَيْتَ لِكُلِّ يَوْمٍ عَمَلَهُ، أَرَحْتَ نَفْسَكَ وَبَدَنَكَ، وَأَحْكَمْتَ أُمُورَ سُلْطَانِكَ.
وَانْظُرْ أَحْرَارَ النَّاسِ وَذَوِي السِّنِّ مِنْهُمْ مِمَّنْ تَسْتَيْقِنُ صَفَاءَ طَوِيَّتَهُمْ، وَشَهِدْتَ مَوَدَّتَهُمْ لَكَ، وَمُظَاهَرَتَهُمْ بِالنُّصْحِ وَالْمُخَالَصَةِ عَلَى أَمْرِكَ - فَاسْتَخْلِصْهُمْ وَأَحْسِنْ إِلَيْهِمْ.
وَتَعَاهَدْ أَهْلَ الْبُيُوتَاتِ مِمَّنْ قَدْ دَخَلَتْ عَلَيْهِمُ الْحَاجَةُ، فَاحْتَمِلْ مَئُونَتَهُمْ، وَأَصْلِحْ حَالَهُمْ حَتَّى لَا يَجِدُوا لِخَلَّتِهِمْ مَسًّا، وَأَفْرِدْ نَفْسَكَ بِالنَّظَرِ فِي أُمُورِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ مَظْلَمَةٍ إِلَيْكَ، وَالْمُحْتَقِرِ الَّذِي لَا عِلْمَ لَهُ بِطَلَبِ حَقِّهِ، فَسَلْ عَنْهُ أَحْفَى مَسْأَلَةٍ، وَوَكِّلْ بِأَمْثَالِهِ أَهْلَ الصَّلَاحِ مِنْ رَعِيَّتِكَ، وَمُرْهُمْ بِرَفْعِ حَوَائِجِهِمْ وَحَالَاتِهِمْ إِلَيْكَ لِتَنْظُرَ فِيهَا بِمَا يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِ أَمْرَهُمْ.
وَتَعَاهَدْ ذَوِي الْبَأْسَاءِ وَأَيْتَامَهُمْ، وَأَرَامِلَهُمْ، وَاجْعَلْ لَهُمْ أَرْزَاقًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اقْتِدَاءً بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - أَعَزَّهُ اللَّهُ - فِي الْعَطْفِ عَلَيْهِمْ، وَالصِّلَةِ لَهُمْ، لِيُصْلِحَ اللَّهُ بِذَلِكَ عَيْشَهُمْ، وَيَرْزُقَكَ بِهِ بَرَكَةً وَزِيَادَةً، وَأَجْرِ لِلْأَضْرَابِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدِّمْ حَمَلَةَ الْقُرْآنِ مِنْهُمْ، وَالْحَافِظِينَ لِأَكْثَرِهِ فِي الْجَرَائِدِ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَانْصِبْ لِمَرْضَى الْمُسْلِمِينَ دُورًا تُؤْوِيهِمْ، وَقُوَّامًا يَرْفُقُونَ بِهِمْ، وَأَطِبَّاءَ يُعَالِجُونَ أَسْقَامَهُمْ، وَأَسْعِفْهُمْ بِشَهَوَاتِهِمْ مَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إِلَى سَرَفٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ النَّاسَ إِذَا أُعْطُوا حُقُوقَهُمْ وَأَفْضَلَ أَمَانِيهِمْ - لَمْ يُرْضِهِمْ ذَلِكَ، وَلَمْ تَطِبْ أَنْفُسُهُمْ دُونَ رَفْعِ حَوَائِجِهِمْ إِلَى وُلَاتِهِمْ، طَمَعًا فِي نَيْلِ الزِّيَادَةِ، وَفَضْلِ الرِّفْقِ مِنْهُمْ، وَرُبَّمَا تَبَرَّمَ الْمُتَصَفِّحُ لِأُمُورِ النَّاسِ لِكَثْرَةِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَيَشْغَلُ فِكْرَهُ وَذِهْنَهُ مِنْهَا مَا يَنَالُهُ بِهِ مِنْ مَئُونَةٍ وَمَشَقَّةٍ، وَلَيْسَ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْعَدْلِ، وَيَعْرِفُ مَحَاسِنَ أُمُورِهِ فِي الْعَاجِلِ وَفَضْلِ ثَوَابِ الْآجِلِ - كَالَّذِي يَسْتَثْقِلُ بِمَا يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَيَلْتَمِسُ رَحْمَتَهُ.
وَأَكْثِرِ الْإِذْنَ لِلنَّاسِ عَلَيْكَ، وَأَبْرِزْ لَهُمْ وَجْهَكَ، وَسَكِّنْ لَهُمْ حَوَاسَّكَ، وَاخْفِضْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute