للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدُّنْيَا عِنْدَنَا مَفْتُونَةٌ، قَدْ غَلَبَ عَلَى كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْ بِلَادِنَا غَالِبٌ، وَالنَّاسُ فِي بَلَاءٍ، فَأَصْلَحَ الدُّنْيَا، وَأَمَّنَ الْبَرِيءَ، وَأَخَافَ السَّقِيمَ، وَاسْتَوْسَقَتْ لَهُ الرَّعِيَّةُ بِالطَّاعَةِ.

ذِكْرُ خَلْعِ أَهْلِ قُمَّ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَلَعَ أَهَلُ قُمَّ الْمَأْمُونَ، وَمَنَعُوا الْخَرَاجَ، فَكَانَ سَبَبَهُ أَنَّ الْمَأْمُونَ لَمَّا سَارَ مِنْ خُرَاسَانَ إِلَى الْعِرَاقِ أَقَامَ بِالرَّيِّ (عِدَّةَ أَيَّامٍ) وَأَسْقَطَ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْ خَرَاجِهِمْ، فَطَمِعَ أَهْلُ قُمَّ أَنْ يَصْنَعَ بِهِمْ كَذَلِكَ، فَكَتَبُوا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ الْحَطِيطَةَ، وَكَانَ خَرَاجُهُمْ أَلْفَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يُجِبْهُمُ الْمَأْمُونُ إِلَى مَا سَأَلُوا، فَامْتَنَعُوا مِنْ أَدَائِهِ، فَوَجَّهَ الْمَأْمُونُ إِلَيْهِمْ عَلِيَّ بْنَ هِشَامٍ، وَعُجَيْفَ بْنَ عَنْبَسَةَ، فَحَارَبَهُمْ، (فَظَفَرَا بِهِمْ) وَقُتِلَ يَحْيَى بْنُ عِمْرَانَ، وَهُدِمَ سُورُ الْمَدِينَةِ، وَجَبَاهَا عَلَى سَبْعَةِ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانُوا يَتَظَلَّمُونَ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفٍ.

ذِكْرُ مَا كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ مِنَ الْحَوَادِثِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ سَيَّرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَكَمِ سَرِيَّةً كَبِيرَةً إِلَى بِلَادِ الْفِرِنْجِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عُبَيْدَ اللَّهِ الْمَعْرُوفَ بِابْنِ الْبَلَنْسِيِّ، فَسَارَ وَدَخَلَ بِلَادَ الْعَدُوِّ، وَتَرَدَّدَ فِيهَا بِالْغَارَاتِ، وَالسَّبْيِ، وَالْقَتْلِ، وَالْأَسْرِ، وَلَقِيَ الْجُيُوشُ الْأَعْدَاءَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ، وَكَانَ فَتْحًا عَظِيمًا.

وَفِيهَا افْتَتَحَ عَسْكَرٌ - سَيَّرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيْضًا - حِصْنَ الْقَلْعَةِ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ، وَتَرَدَّدَ فِيهَا بِالْغَارَاتِ مُنْتَصَفَ شَهْرِ رَمَضَانَ.

وَفِيهَا أَمَرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِجَيَّانَ.

وَفِيهَا أَخَذَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَهَائِنَ أَبِي الشَّمَّاخِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مُقَدِّمِ الْيَمَانِيَّةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>