بِبَغْدَاذَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مَا فَعَلَ بِأَخِيهِ بَابَكَ، فَعَمِلَ بِهِ ذَلِكَ، وَضَرَبَ عُنُقَهُ، وَصَلَبَهُ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بَيْنَ الْجِسْرَيْنِ.
قِيلَ: فَكَانَ الَّذِي أَخْرَجَ الْأَفْشِينُ مِنَ الْمَالِ مُدَّةَ مُقَامِهِ بِإِزَاءِ بَابَكَ، سِوَى الْأَرْزَاقِ وَالْأَنْزَالِ وَالْمَعَارِفِ، فِي كُلِّ يَوْمٍ يَرْكَبُ فِيهِ عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَفِي [كُلِّ] يَوْمٍ لَا يَرْكَبُ فِيهِ خَمْسَةُ آلَافٍ، فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ قَتَلَ بَابَكُ فِي عِشْرِينَ سَنَةٍ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَخَمْسِينَ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ إِنْسَانٍ، وَغَلَبَ مِنَ الْقُوَّادِ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ، وَعِيسَى بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَحْمَدَ بْنَ الْجُنَيْدِ فَأَسَرَهُ، وَزُرَيْقَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ صَدَقَةَ، وَمُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدٍ الطُّوسِيَّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنَ اللَّيْثِ.
وَكَانَ الَّذِينَ أُسِرُوا مَعَ بَابَكَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَثَلَاثَمِائَةٍ وَتِسْعَةَ أَنَاسِيٍّ، وَاسْتَنْقَذَ مِمَّنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنَ الْمُسْلِمَاتِ وَأَوْلَادِهِنَّ سَبْعَةَ آلَافٍ وَسِتَّمِائَةِ إِنْسَانٍ، وَصَارَ فِي يَدِ الْأَفْشِينِ مِنْ بَنِي بَابَكَ سَبْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، وَمِنَ الْبَنَاتِ وَالنِّسَاءِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ امْرَأَةً.
وَلَمَّا وَصَلَ الْأَفْشِينُ تَوَّجَهَ الْمُعْتَصِمُ وَأَلْبَسَهُ بِالْجَوْهَرِ، وَوَصَلَهُ بِعِشْرِينَ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ آلَافٍ يُفَرِّقُهَا فِي عَسْكَرِهِ، وَعَقَدَ لَهُ عَلَى السِّنْدِ، وَأَدْخَلَ عَلَيْهِ الشُّعَرَاءَ يَمْدَحُونَهُ.
ذِكْرُ خُرُوجِ الرُّومِ إِلَى زِبَطْرَةَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ تَوْفِيلُ بْنُ مِيخَائِيلَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَأَوْقَعَ بِأَهْلِ زِبَطْرَةَ وَغَيْرِهَا.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ بَابَكَ لَمَّا ضَيَّقَ الْأَفْشِينُ عَلَيْهِ، وَأَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ، كَتَبَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ تَوْفِيلَ يُعْلِمُهُ أَنَّ الْمُعْتَصِمَ قَدْ وَجَّهَ عَسَاكِرَهُ وَمُقَاتِلَتَهُ إِلَيْهِ، حَتَّى وَجَّهَ خَيَّاطَهُ، يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ دِينَارٍ الْخَيَّاطَ، وَطَبَّاخَهُ، يَعْنِي إِيتَاخَ، وَلَمْ يُبْقِ عَلَى بَابِهِ أَحَدًا! فَإِنْ أَرَدْتَ الْخُرُوجَ إِلَيْهِ فَلَيْسَ فِي وَجْهِكَ أَحَدٌ يَمْنَعُكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute