فَأَخَذَ أَهْلَ آمُلَ، وَأَهْلَ سَارِيَةَ جَمِيعَهُمْ، فَنَقَلَهُمْ إِلَى جَبَلٍ عَلَى النِّصْفِ مَا بَيْنَ سَارِيَةَ وَآمُلَ، يُقَالُ لَهُ هُرْمُزَابَاذْ، فَحَبَسَهُمْ فِيهِ، وَكَانَتْ عِدَّتُهُمْ عِشْرِينَ أَلْفًا، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ تَمَكَّنَ مِنْ أَمْرِهِ، وَأَمَرَ بِتَخْرِيبِ سُورِ آمُلَ، وَسُورِ سَارِيَةَ، وَسُورِ طُمَيْسٍ، فَخُرِّبَتِ الْأَسْوَارُ.
وَبَنَى سَرْخَاسَتَانُ سُورًا مِنْ طُمَيْسٍ إِلَى الْبَحْرِ، مِقْدَارَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، كَانَتِ الْأَكَاسِرَةُ بَنَتْهُ لِتَمْنَعَ التُّرْكَ مِنَ الْغَارَةِ عَلَى طَبَرِسْتَانَ، وَجَعَلَ لَهُ خَنْدَقًا فَفَزِعَ أَهْلُ جُرْجَانَ، وَخَافُوا، فَهَرَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى نَيْسَابُورَ، فَأَنْفَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ عَمَّهُ الْحَسَنَ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُصْعَبٍ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ لِحِفْظِ جُرْجَانَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى الْخَنْدَقِ الَّذِي عَمِلَهُ سَرْخَاسَتَانُ، فَسَارَ حَتَّى نَزَلَهُ، وَصَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَرْخَاسَتَانَ صَاحِبِ الْخَنْدَقِ، وَوَجَّهَ أَيْضًا ابْنَ طَاهِرٍ حَيَّانَ بْنَ جَبَلَةَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ إِلَى قُومِسَ، فَعَسْكَرَ عَلَى حَدِّ جِبَالِ شَرْوِينَ، وَوَجَّهَ الْمُعْتَصِمُ مِنْ عِنْدِهِ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُصْعَبٍ أَخَا إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَمَعَهُ الْحَسَنُ بْنُ قَارَنَ الطَّبَرِيُّ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الطَّبَرِيَّةِ، وَوَجَّهَ الْمَنْصُورَ بْنَ الْحَسَنِ صَاحِبَ دُنْبَاوَنْدَ إِلَى الرَّيِّ لِيَدْخُلَ طَبَرِسْتَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الرَّيِّ، وَوَجَّهَ أَبَا السَّاجِ إِلَى اللَّارِزِ وَدُنْبَاوَنْدَ.
فَلَمَّا أَحْدَقَتِ الْخَيْلُ بِمَازِيَارَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، كَانَ أَصْحَابُ سَرْخَاسَتَانَ يَتَحَدَّثُونَ مَعَ أَصْحَابِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، (حَتَّى اسْتَأْنَسَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَتَآمَرَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْحَسَنِ فِي دُخُولِ السُّورِ، فَدَخَلُوهُ إِلَى أَصْحَابِ سَرْخَاسَتَانَ) عَلَى غَفْلَةٍ مِنَ الْحَسَنِ، وَنَظَرَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَثَارُوا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْحَسَنِ، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِالْقَوْمِ، وَيَمْنَعُهُمْ خَوْفًا عَلَيْهِمْ، فَلَمْ يَقِفُوا، وَنَصَبُوا عَلَمَهُ عَلَى مُعَسْكَرِ سَرْخَاسَتَانَ، (وَانْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى سَرْخَاسَتَانَ) ، وَهُوَ فِي الْحَمَّامِ، فَهَرَبَ فِي غُلَالَةٍ، وَحَيْثُ رَأَى الْحَسَنُ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَدْ دَخَلُوا السُّورَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَأَطَاعُوكَ، فَانْصُرْهُمْ.
وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُهُ حَتَّى دَخَلُوا إِلَى الدَّرْبِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى عَسْكَرِ سَرْخَاسَتَانَ، وَأُسِرَ أَخُوهُ شَهْرَيَارُ، وَرَجَعَ النَّاسُ عَنِ الطَّلَبِ لَمَّا أَدْرَكَهُمُ اللَّيْلُ، فَقَتَلَ الْحَسَنُ شَهْرَيَارَ، وَسَارَ سَرْخَاسَتَانُ حَافِيًا فَجَهَدَهُ الْعَطَشُ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَشَدَّهَا، فَبَصُرَ بِهِ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَغُلَامٌ اسْمُهُ جَعْفَرٌ، وَقَالَ سَرْخَاسَتَانُ: يَا جَعْفَرُ! اسْقِنِي مَاءً، فَقَدْ هَلَكْتُ عَطَشًا، فَقَالَ: لَيْسَ عِنْدِي مَا أَسْقِيكَ فِيهِ.
قَالَ جَعْفَرٌ: وَاجْتَمَعَ إِلَيَّ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَقُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَهْلَكَنَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute