الْوَاثِقِ، وَهُوَ عَلَى حَالِهِ، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ يَمُوتُ، أَوْ قَدْ مَاتَ، فَحُمِلَ إِلَى دَارِ إِيتَاخَ، فَمَاتَ بِهَا، وَأَخْرَجُوهُ، وَصَلَبُوهُ عَلَى بَابِ الْعَامَّةِ لِيَرَاهُ النَّاسُ، ثُمَّ أُلْقِيَ وَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، وَكَانَ مَوْتُهُ فِي شَعْبَانَ.
قَالَ حَمْدُونَ: وَسَأَلْتُهُ هَلْ هُوَ مُطَّهَّرٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ: (إِلَى مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ) إِنَّمَا قَالَ لِي هَذَا، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ، لِيَفْضَحَنِي إِنْ قُلْتُ نَعَمْ، قَالَ: تَكَشَّفْ، وَالْمَوْتُ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَشَّفَ بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَتَكَشَّفُ بَيْنَ يَدَيْكَ حَتَّى تَرَانِي، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ صَادِقٌ، فَلَمَّا انْصَرَفَ حَمْدُونُ وَبَلَّغَ الْمُعْتَصِمَ رِسَالَتَهُ أَمَرَ بِقَطْعِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَنْهُ، إِلَّا الْقَلِيلَ، حَتَّى مَاتَ.
قَالَ: وَلَمَّا أَخَذَ مَالَهُ رَأَى فِي دَارِهِ بَيْتَ تِمْثَالٍ لِإِنْسَانٍ مِنْ خَشَبٍ عَلَيْهِ حِلْيَةٌ كَثِيرَةٌ وَجَوْهَرٌ، وَفِي أُذُنَيْهِ حَجَرَانِ مُشْتَبِكَانِ، عَلَيْهِمَا ذَهَبٌ، فَأَخَذَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَ سُلَيْمَانَ أَحَدَ الْحَجَرَيْنِ وَظَنَّهُ جَوْهَرًا، وَكَانَ ذَلِكَ لَيْلًا، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَزَعَ عَنْهُ الذَّهَبَ، وَوَجَدَهُ شَيْئًا شَبِيهًا بِالصَّدَفِ يُسَمَّى الْحَبْرُونَ، وَوَجَدُوا أَصْنَامًا وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَالْأَطْوَافَ الْخَشَبَ الَّتِي أَعَدَّهَا، وَوَجَدُوا لَهُ كِتَابًا مِنْ كُتُبِ الْمَجُوسِ، وَكُتُبًا غَيْرَهُ فِيهَا دِيَانَتُهُ.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْأَغْلَبِ وَوِلَايَةِ أَبِي الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَغْلَبِ إِفْرِيقِيَّةَ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي رَبِيعٍ الْآخِرِ، (تُوُفِّيَ الْأَغْلَبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ سَنَتَيْنِ وَسَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ أَيَّامٍ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ) وَلِيَ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَغْلَبِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْأَغْلَبِ بِلَادَ إِفْرِيقِيَّةَ بَعْدَ وَفَاةِ وَالِدِهِ، وَدَانَتْ لَهُ إِفْرِيقِيَّةُ، وَابْتَنَى مَدِينَةً بِقُرْبِ تَاهَرْتَ سَمَّاهَا الْعَبَّاسِيَّةَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَأَحْرَقَهَا أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْإِبَاضِيُّ، وَكَتَبَ إِلَى الْأُمَوِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute