رَجَاءُ، فَالتَقَى الْعَسْكَرَانِ، فَقَالَ رَجَاءُ لِأَصْحَابِهِ: مَا أَرَى فِي عَسْكَرِهِ رَجُلًا لَهُ شَجَاعَةٌ غَيْرَهُ، وَإِنَّهُ سَيُظْهِرُ لِأَصْحَابِهِ مَا عِنْدَهُ، فَإِذَا حَمَلَ عَلَيْكُمْ فَأَفْرِجُوا لَهُ، فَمَا لَبِثَ أَنْ حَمَلَ الْمُبَرْقَعُ، فَأَفْرَجَ لَهُ أَصْحَابُ رَجَاءٍ، حَتَّى جَاوَزَهُمْ، ثُمَّ رَجَعَ فَأَفْرَجُوا لَهُ، حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، ثُمَّ حَمَلَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ الرُّجُوعَ أَحَاطُوا بِهِ، وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا.
وَقِيلَ: كَانَ خُرُوجُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَإِنَّهُ خَرَجَ بِنُوَاحِي الرَّمْلَةَ، وَصَارَ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمُعْتَصِمُ رَجَاءَ الْحَضَارِيَّ، فَقَاتَلَهُ، وَأَخَذَ ابْنَ بَيْهَسٍ أَسِيرًا، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُبَرْقَعِ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَأَسَرَ الْمُبَرْقَعَ، وَحَمَلَهُ إِلَى سَامَرَّا.
ذِكْرُ وَفَاةِ الْمُعْتَصِمِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الْمُعْتَصِمُ أَبُو إِسْحَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الرَّشِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيُّ (بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَنْصُورِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ) ، يَوْمَ الْخَمِيسِ لِثَمَانِيَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَكَانَ بَدْءُ عِلَّتِهِ أَنَّهُ احْتَجَمَ أَوَّلَ يَوْمٍ فِي الْمُحَرَّمِ، وَاعْتَلَّ عِنْدَهَا.
قَالَ زَنَامُ الزَّامِرُ: أَفَاقَ الْمُعْتَصِمُ فِي عِلَّتِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا، فَرَكِبَ فِي الزُّلَالِ فِي دِجْلَةَ، وَأَنَا مَعَهُ، فَمَرَّ بِإِزَاءِ مَنَازِلِهِ، فَقَالَ: يَا زَنَامُ إِزْمُرْ لِي:
يَا مَنْزِلًا لَمْ تَبْلَ أَطْلَالُهُ ... حَاشَا لِأَطْلَالِكَ أَنْ تَبْلَى
لَمْ أَبْكِ أَطْلَالَكَ لَكِنَّنِي ... بَكَيْتُ عَيْشِي فِيكَ إِذْ وَلَّى
وَالْعَيْشُ أَوْلَى مَا بَكَاهُ الْفَتَى ... لَا بُدَّ لِلْمَحْزُونِ أَنْ يَسْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute