ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَلَاثِينَ، فَحَبَسَهُمْ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ.
فَلَمَّا قَضَى حَجَّهُ سَارَ إِلَى ذَاتِ عِرْقٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمَوْسِمِ، عَرَضَ عَلَى بَنِي هِلَالٍ مِثْلَ الَّذِي عَرَضَ عَلَى بَنِي سُلَيْمٍ، فَأَقْبَلُوا، وَأَخَذَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ نَحَوًا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ رَجُلٍ، وَأَطْلَقَ الْبَاقِينَ، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَحَبَسَهُمْ.
ذِكْرُ وَفَاةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ
وَفِيهَا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ بِنَيْسَابُورَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَمِيرُ خُرَاسَانَ، وَكَانَ إِلَيْهِ الْحَرْبُ، وَالشُّرْطَةُ، وَالسَّوَادُ، وَالرَّيُّ، وَطَبَرِسْتَانُ، وَكَرْمَانُ، وَخُرَاسَانُ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا، وَكَانَ خَرَاجُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، يَوْمَ مَاتَ، ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَكَانَ عُمْرُهُ ثَمَانِيًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَذَلِكَ عُمْرُ وَالِدِهِ طَاهِرٍ.
وَاسْتَعْمَلَ الْوَاثِقُ عَلَى أَعْمَالِهِ كُلِّهَا ابْنَهُ طَاهِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.
ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ سِيرَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ
لَمَّا وَلِيَ عَبْدُ اللَّهِ خُرَاسَانَ اسْتَنَابَ بِنَيْسَابُورَ مُحَمَّدَ بْنَ حُمَيْدٍ الطَّاهِرِيَّ، فَبَنَى دَارًا، وَخَرَجَ بِحَائِطِهَا فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمَهَا عَبْدُ اللَّهِ جَمَعَ النَّاسَ، وَسَأَلَهُمْ عَنْ سِيرَةِ مُحَمَّدٍ، فَسَكَتُوا، فَقَالَ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ: سُكُوتُهُمْ يَدُلُّ عَلَى سُوءِ سِيرَتِهِ، فَعَزَلَهُ عَنْهُمْ، وَأَمَرَهُ بِهَدْمِ مَا بَنَى فِي الطَّرِيقِ.
وَكَانَ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنْ يُبْذَلَ الْعِلْمُ لِأَهْلِهِ وَغَيْرِ أَهْلِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ أَمْنَعُ لِنَفْسِهِ مِنْ أَنْ يَصِيرَ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ.
وَكَانَ يَقُولُ: سِمَنُ الْكَيِّسِ، وَنُبْلُ الذِّكْرِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute