فَأَيَّامُكَ الْأَعْيَادُ صَارَتْ مَآتِمًا ... وَسَاعَاتُكَ الصَّعِبَاتُ صَارَتْ خَوَاشِعَا
عَلَى أَنَّنَا لَمْ نَعْتَقِدْكَ بِطَاهِرٍ ... وَإِنْ كَانَ خَطْبًا يُقْلِقُ الْقَلْبَ رَاتِعَا
وَمَا كُنْتَ إِلَّا الشَّمْسَ غَابَتْ وَأَطْلَعَتْ ... عَلَى إِثْرِهَا بَدْرًا عَلَى النَّاسِ طَالِعًا
(وَمَا كُنْتَ إِلَّا الطَّوْدَ زَالَ مَكَانُهُ ... وَأَثْبَتَ فِي مَثْوَاهُ رُكْنًا مُدَافِعًا
فَلَوْلَا التُّقَى قُلْنَا تَنَاسَخْتُمَا مَعًا ... بَدِيعَيْ مَعَانٍ يَفْضُلَانِ الْبَدَائِعَا
وَهِيَ طَوِيلَةٌ) .
ذِكْرُ خُرُوجِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِالْأَنْدَلُسِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ الْمَجُوسُ مِنْ أَقَاصِي بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ فِي الْبَحْرِ إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَ ظُهُورُهُمْ فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، عِنْدَ أَشْبُونَةَ، فَأَقَامُوا ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَقَائِعُ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى قَادِسَ، ثُمَّ إِلَى شَدُونَةَ، فَكَانَ بَيْنَهُمُ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا وَقَائِعُ.
ثُمَّ سَارُوا إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ ثَامِنَ الْمُحَرَّمِ، فَنَزَلُوا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ فَرْسَخًا مِنْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَالْتَقَوْا، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ ثَانِيَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَقُتِلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ إِشْبِيلِيَّةَ، فَخَرَجَ أَهْلُهَا إِلَيْهِمْ، وَقَاتَلُوهُمْ، فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ رَابِعَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ فِيهِمْ، وَلَمْ تَرْفَعِ الْمَجُوسُ السَّيْفَ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا عَنْ دَابَّةٍ، وَدَخَلُوا حَاجِزَ إِشْبِيلِيَّةَ وَأَقَامُوا بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةَ، وَعَادُوا إِلَى مَرَاكِبِهِمْ.
وَأَقَامَ عَسْكَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، صَاحِبِ الْبِلَادِ، مَعَ عِدَّةٍ مِنَ الْقُوَّادِ، فَتَبَادَرَ إِلَيْهِمُ الْمَجُوسُ، فَثَبَتَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَاتَلُوهُمْ، فَقُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْعُونَ رَجُلًا وَانْهَزَمُوا، حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute