مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ بِمَنْ ظَفِرَ [بِهِ] مِنْ بَنِي مُرَّةَ وَفَزَارَةَ.
وَفِيهَا سَارَ إِلَى بُغَا مِنْ بُطُونِ غَطَفَانَ، وَفَزَارَةَ، وَأَشْجَعَ، وَثَعْلَبَةَ، جَمَاعَةٌ، وَكَانَ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَتَوْهُ اسْتَحْلَفَهُمُ الْأَيْمَانَ الْمُؤَكَّدَةَ أَنْ لَا يَتَخَلَّفُوا عَنْهُ مَتَى دَعَاهُمْ، فَحَلَفُوا، ثُمَّ سَارَ إِلَى ضَرِيَّةَ لِطَلَبِ بَنِي كِلَابٍ، فَأَتَاهُ مِنْهُمْ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ آلَافِ رَجُلٍ، فَحَبَسَ مِنْ أَهْلِ الْفَسَادِ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ رَجُلٍ، وَخَلَّى سَائِرَهُمْ، ثُمَّ قَدِمَ بِهِمُ الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَحَبَسَهُمْ، ثُمَّ سَارَ إِلَى مَكَّةَ، فَحَجَّ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
ذِكْرُ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَحَرَّكَ بِبَغْدَاذَ قَوْمٌ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيِّ، وَجَدُّهُ مَالِكٌ أَحَدُ نُقَبَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
وَكَانَ سَبَبُ هَذِهِ الْحَرَكَةِ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ كَانَ يَغْشَاهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ كَابْنِ مَعِينٍ، وَابْنِ الدَّوْرَقِيِّ، وَأَبِي زُهَيْرٍ، وَكَانَ يُخَالِفُ مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَيُطْلِقُ لِسَانَهُ فِيهِ، مَعَ غِلْظَةٍ بِالْوَاثِقِ، وَكَانَ يَقُولُ، إِذَا ذَكَرَ الْوَاثِقُ: فَعَلَ هَذَا الْخِنْزِيرُ، وَقَالَ هَذَا الْكَافِرُ، وَفَشَا ذَلِكَ، فَكَانَ يَغْشَاهُ رَجُلٌ يُعْرَفُ بِأَبِي هَارُونَ الشَّدَّاخِ، وَآخَرُ يُقَالُ لَهُ: طَالِبٌ، وَغَيْرُهُمَا، وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَيْهِ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَفَرَّقَ أَبُو هَارُونَ وَطَالِبٌ فِي النَّاسِ مَالًا فَأَعْطَيَا كُلَّ رَجُلٍ دِينَارًا، وَاتَّعَدُوا لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِثَلَاثٍ خَلَتْ مِنْ شَعْبَانَ لِيَضْرِبُوا بِالطَّبْلِ فِيهَا، وَيَثُورُوا عَلَى السُّلْطَانِ.
وَكَانَ أَحَدُهُمَا فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْ بَغْدَادَ وَالْآخَرُ فِي الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَاتَّفَقَ أَنَّ مِمَّنْ بَايَعَهُمْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي الْأَشْرَسِ شَرِبَا نَبِيذًا لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ، قَبْلَ الْمَوْعِدِ بِلَيْلَةٍ، فَلَمَّا أُخِذَ مِنْهُمْ ضَرَبُوا الطَّبْلَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ أَحَدٌ.
وَكَانَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ صَاحِبُ الشُّرْطَةِ غَائِبًا عَنْ بَغْدَادَ، وَخَلِيفَتَهُ أَخُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute