وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ! ثُمَّ غُسِّلَ الْوَاثِقُ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ.
وَكَانَ عُمْرُ الْمُتَوَكِّلِ، يَوْمَ بُويِعَ، سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَوَضَعَ الْعَطَاءَ لِلْجُنْدِ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ، وَأَرَادَ ابْنُ الزَّيَّاتِ [أَنْ] يُلَقِّبَهُ الْمُنْتَصِرُ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادَ: قَدْ رَأَيْتُ لَقَبًا أَرْجُو أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا، وَهُوَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ، فَأَمَرَ بِإِمْضَائِهِ، فَكَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ.
وَقِيلَ: بَلْ رَأَى الْمُتَوَكِّلُ فِي مَنَامِهِ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، كَأَنَّ سُكَّرًا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ، مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ، فَقَصَّهَا [عَلَى] أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: هِيَ وَاللَّهِ الْخِلَافَةُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الْوَاثِقَ، فَحَبَسَهُ وَضَيَّقَ عَلَيْهِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَصَابَ الْحُجَّاجَ فِي الْعَوْدِ عَطَشٌ عَظِيمٌ، فَبَلَغَتِ الشَّرْبَةُ عِدَّةَ دَنَانِيرَ، وَمَاتَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ.
(وَفِيهَا غَدَرَ مُوسَى بِالْأَنْدَلُسِ، وَخَالَفَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ أَمِيرِ الْأَنْدَلُسِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ قَدْ وَافَقَهُ، وَأَطَاعَهُ، وَسَيَّرَ إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ جَيْشًا مَعَ ابْنِهِ مُحَمَّدٍ.
وَفِيهَا كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَةٌ، وَقَحْطٌ عَظِيمٌ، وَكَانَ ابْتِدَاؤُهُ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ، فَهَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالدَّوَابِّ، وَيَبِسَتِ الْأَشْجَارُ، وَلَمْ يَزْرَعِ النَّاسُ شَيْئًا، فَخَرَجَ النَّاسُ هَذِهِ السَّنَةَ يَسْتَسْقُونَ، فَسُقُوا، وَزَرَعُوا، وَزَالَ عَنِ النَّاسِ الْقَحْطُ) .
وَفِيهَا وَلِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ بِلَادَ فَارِسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute