كَالَ فِي تِسْعِ مِائَةِ فَارِسٍ، فَلَمْ يُغْنِ شَيْئًا فَوَجَّهَ بُغَا الشَّرَابِيَّ فِي أَلْفَيْ فَارِسٍ.
وَكَانَ حَمْدَوَيْهِ، وَابْنُ سَيْسِيلَ، وَزَيْرَكُ قَدْ قَطَعُوا مِنَ الشَّجَرِ الَّذِي حَوْلَ مَرَنْدَ نَحْوَ مِائَةِ أَلْفِ شَجَرَةٍ، وَنَصَبُوا عَلَيْهَا عِشْرِينَ مَنْجَنِيقًا، وَنَصَبَ ابْنُ الْبُعَيْثِ عَلَيْهِمْ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الدُّنُوِّ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ، فَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُتَوَكِّلِ فِي حَرْبِهِ، فِي ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ نَحْوُ مِائَةِ رَجُلٍ، وَجُرِحَ نَحْوُ أَرْبَعِ مِائَةٍ، وَأَصَابَ أَصْحَابُهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ حَمْدَوَيْهِ، وَعُمْرُ وَزَيْرَكُ، يُغَادُونَهُ الْقِتَالَ وَيُرَاوِحِونَهُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَدَلَّوْنَ بِالْحِبَالِ مِنَ السُّورِ مَعَهُمُ الرِّمَاحُ، فَيُقَاتِلُونَ، فَإِذَا حَمَلَ عَلَيْهِمْ أَصْحَابُ الْخَلِيفَةِ تَجَارُوا إِلَى السُّورِ، وَحَمَوْا نُفُوسَهُمْ، فَكَانُوا يَفْتَحُونَ الْبَابَ، فَيَخْرُجُونَ، فَيُقَاتِلُونَ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ.
وَلَمَّا قَرُبَ بُغَا الشَّرَابِيُّ مِنْ مَرَنْدَ بَعَثَ عِيسَى بْنَ الشَّيْخِ بْنِ السَّلِيلِ، وَمَعَهُ أَمَانٌ لِوُجُوهِ ابْنِ الْبُعَيْثِ (أَنْ يَنْزِلُوا، وَأَمَانٌ لِابْنِ الْبُعَيْثِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ الْمُتَوَكِّلِ، فَنَزَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ بِالْأَمَانِ، ثُمَّ فَتَحُوا بَابَ الْمَدِينَةِ، فَدَخَلَ أَصْحَابُ الْمُتَوَكِّلِ، وَخَرَجَ ابْنُ الْبُعَيْثِ) هَارِبًا، فَلَحِقَهُ قَوْمٌ مِنَ الْجُنْدِ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَانْتَهَبَ الْجُنْدُ مَنْزِلَهُ وَمَنَازِلَ أَصْحَابِهِ، وَبَعْضَ مَنَازِلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ نُودِيَ بِالْأَمَانِ، وَأَخَذُوا لِابْنِ الْبُعَيْثِ أُخْتَيْنِ، وَثَلَاثَ بَنَاتٍ، وَعِدَّةً مِنَ السَّرَارِي، ثُمَّ وَافَاهُمْ بُغَا الشَّرَابِيُّ مِنْ غَدٍ، فَأُمِّرَ فَنُودِيَ بِالْمَنْعِ مِنَ النَّهْبِ، وَكَتَبَ بِالْفَتْحِ لِنَفْسِهِ، وَأُخِذَ ابْنُ الْبُعَيْثِ إِلَيْهِ.
ذِكْرُ إِيتَاخَ وَمَا صَارَ إِلَيْهِ أَمْرُهُ
كَانَ إِيتَاخُ غُلَامًا خَزَرِيًّا، طَبَّاخًا لِسَلَّامٍ الْأَبْرَشِ، فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ الْمُعْتَصِمُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَكَانَ فِيهِ شَجَاعَةٌ، فَرَفَعَهُ الْمُعْتَصِمُ وَالْوَاثِقُ، وَضَمَّ إِلَيْهِ أَعْمَالًا كَثِيرَةً، مِنْهَا الْمَعُونَةُ بِسَامَرَّا مَعَ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute