سَارِيَةَ لِحَرْبِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ، فَالْتَقَوْا خَارِجَ مَدِينَةِ سَارِيَةَ، وَنَشِبَتِ الْحَرْبُ بَيْنَهُمْ، فَسَارَ بَعْضُ قُوَّادِ الْحَسَنِ نَحْوَ سَارِيَةَ فَدَخَلَهَا، فَلَمَّا سَمِعَ سُلَيْمَانُ الْخَبَرَ انْهَزَمَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَعِيَالَهُ وَثِقْلَهُ وَكُلَّ مَا لَهُ بِسَارِيَةَ، وَاسْتَوْلَى الْحَسَنُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعِهِ، فَأَمَّا الْحَرِيمُ وَالْأَوْلَادُ فَجَعَلَهُمُ الْحَسَنُ فِي مَرْكِبٍ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى سُلَيْمَانَ بِجُرْجَانَ، وَأَمَّا الْمَالُ فَكَانَ قَدْ نُهِبَ وَتَفَرَّقَ.
وَقِيلَ: إِنَّ سُلَيْمَانَ انْهَزَمَ اخْتِيَارًا لِأَنَّ الطَّاهِرِيَّةَ كُلَّهَا كَانَتْ تَتَشَيَّعُ، فَلَمَّا أَقْبَلَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ إِلَى طَبَرِسْتَانَ تَأَثَّمَ سُلَيْمَانُ مِنْ قِتَالِهِ لِشِدَّتِهِ فِي التَّشَيُّعِ، وَقَالَ.
نُبِّئْتُ خَيْلَ ابْنِ زَيْدٍ أَقْبَلَتْ ... خَبَبًا تُرِيدُنَا لِتُحَسِّينَا الْأَمَرِّينَا
يَا قَوْمُ إِنْ كَانَتِ الْأَنْبَاءُ صَادِقَةً ... فَالْوَيْلُ لِي وَلِجَمِيعِ الطَّاهِرِينَا
أَمَّا أَنَا فَإِذَا اصْطَفَّتْ كَتَائِبُنَا ... أَكُونُ مِنْ بَيْنِهِمْ رَأْسَ الْمُوَالِينَا
فَالْعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مُنْبَسِطٌ ... إِذَا احْتُسِبَتْ دِمَاءُ الْفَاطِمِيِّينَا
فَلَمَّا الْتَقَوُا انْهَزَمَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ طَبَرِسْتَانُ لِلْحَسَنِ وَجَّهَ إِلَى الرَّيِّ جُنْدًا مَعَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِهِ، يُقَالُ لَهُ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ أَيْضًا، فَمَلَكَهَا، وَطَرَدَ عَنْهَا عَامِلَ الطَّاهِرِيَّةِ، فَاسْتَخْلَفَ بِهَا رَجُلًا مِنَ الْعَلَوِيِّينَ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَانْصَرَفَ عَنْهَا.
وَوَرَدَ الْخَبَرُ عَلَى الْمُسْتَعِينِ، وَمُدَبِّرِ أَمْرِهِ وَصِيفٍ، وَكَاتِبِهِ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ شِيرَزَادَ، فَوَجَّهَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ فَرَاشَةَ فِي جُنْدٍ إِلَى هَمَذَانَ، وَأَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بِهَا لِيَمْنَعَ خَيْلَ الْحَسَنِ عَنْهَا، وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَعَلَيْهِ الذَّبُّ عَنْهُ.
فَلَمَّا اسْتَقَرَّ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الطَّالِبِيُّ بِالرَّيِّ ظَهَرَتْ مِنْهُ أُمُورٌ كَرِهَهَا أَهْلُ الرَّيِّ، وَوَجَّهَ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ قَائِدًا مِنْ عِنْدِهِ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَالَ (فِي جَمْعٍ مِنَ الْجُنْدِ إِلَى الرَّيِّ، وَهُوَ أَخُو الشَّاهِ بْنِ مِيكَالَ) ، فَالْتَقَى هُوَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الطَّالِبِيُّ خَارِجَ الرَّيِّ، فَأُسِرَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَدَخَلَ ابْنُ مِيكَالَ الرَّيَّ، فَأَقَامَ بِهَا، فَوَجَّهَ الْحَسَنُ بْنُ زَيْدٍ عَسْكَرًا عَلَيْهِ قَائِدٌ يُقَالُ لَهُ وَاجِنُ، فَلَمَّا صَارَ إِلَى الرَّيِّ خَرَجَ إِلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ مِيكَالَ، فَالْتَقَوْا، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ ابْنُ مِيكَالَ، وَالْتَجَأَ إِلَى الرَّيِّ مُعْتَصِمًا بِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute