الْمَوْصِلِ، لَزِمُوا إِنْسَانًا اسْمُهُ حُسَيْنُ بْنُ بِكِيرٍ، فَأَخَذَ ابْنًا لِمُسَاوِرٍ هَذَا اسْمُهُ حَوْثَرَةُ، فَحَبَسَهُ بِالْحَدِيثَةِ، وَكَانَ حَوْثَرَةُ جَمِيلًا، فَكَانَ حُسَيْنُ هَذَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْحَبْسِ لَيْلًا وَيُحْضِرُهُ عِنْدَهُ، وَيَرُدُّهُ إِلَى الْحَبْسِ نَهَارًا، فَكَتَبَ حَوْثَرَةُ إِلَى أَبِيهِ مُسَاوِرٍ، وَهُوَ بِالْبَوَازِيجِ، يَقُولُ لَهُ: أَنَا بِالنَّهَارِ مَحْبُوسٌ وَبِاللَّيْلِ عَرُوسٌ، فَغَضِبَ لِذَلِكَ، وَقَلَقَ، وَخَرَجَ، وَبَايَعَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَصَدَ الْحَدِيثَةَ، فَاخْتَفَى حُسَيْنُ بْنُ بَكِيرٍ، وَأَخْرَجَ مُسَاوِرٌ ابْنَهُ حَوْثَرَةَ مِنَ الْحَبْسِ، وَكَثُرَ جَمْعُهُ مِنَ الْأَكْرَادِ وَالْأَعْرَابِ، وَسَارَ وَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ فَنَزَلَ بِالْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ.
وَكَانَ الْوَالِيَ عَلَيْهَا عُقْبَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ بْنِ أَهْبَانَ الْخُزَاعِيُّ، وَأَهْبَانُ يُقَالُ إِنَّهُ مُكَلِّمُ الذِّئْبَ، وَلَهُ صُحْبَةٌ، فَوَافَقَهُ (عُقْبَةُ) مِنَ الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، فَعَبَرَ دِجْلَةَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَوْصِلِ إِلَى مُسَاوِرٍ، فَقَاتَلَا، فَقُتِلَا، وَعَادَ مُسَاوِرٌ، وَكَرِهَ الْقِتَالَ.
وَكَانَ حَوْثَرَةُ بْنُ مُسَاوِرٍ مَعَهُمْ، فَسُمِعَ يَقُولُ:
أَنَا الْغُلَامُ الْبَجَلِيُّ الشَّارِيُّ ... أَخْرَجَنِي جُورُكُمْ مِنْ دَارِي
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ حُمِلَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ الْعَطَّارُ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الطَّالِبِيِّينَ، إِلَى سَامَرَّا، فِيهِمْ: أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ (بْنِ الْحَسَنِ بْنِ جَعْفَرِ) بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو هَاشِمٍ دَاوُدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِيُّ فِي شَعْبَانَ.
وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الطَّالِبِيِّينَ سَارَ مِنْ بَغْدَادَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الشَّاكِرِيَّةِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ، وَكَانَتْ مِنْ أَعْمَالِ أَبِي السَّاجِ، وَكَانَ مُقِيمًا بِبَغْدَاذَ، فَأَمَرَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِالْمَسِيرِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَلِيفَتَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهَا رُمِيَ بِالْحِجَارَةِ، وَظَنُّوهُ جَاءَ لِحَرْبِ الْعَلَوِيِّ، فَقَالَ: لَسْتُ بِعَامِلٍ، إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وُجِّهْتُ لِحَرْبِ الْأَعْرَابِ، فَكَفُّوا عَنْهُ.
وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ الطَّالِبِيُّ الْمَذْكُورُ قَدْ وَلَّاهُ الْمُعْتَزُّ الْكُوفَةَ، بَعْدَمَا هَزَمَ مُزَاحِمَ بْنَ خَاقَانَ الْعَلَوِيَّ الَّذِي كَانَ وُجِّهَ لِقِتَالِهِ بِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَعَاثَ أَبُو أَحْمَدَ فِيهَا، وَآذَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute