للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوَائِبُ، وَإِنْ وُلِّيَ كَفَى، وَإِنْ قَالَ وَفَى ; وَإِنْ نَازَلَ فَبَطَلٌ، وَإِنْ قَالَ فَعَلَ ; ظِلُّهُ لِوَلِيِّهِ ظَلِيلٌ، وَبَأْسُهُ فِي الْهِيَاجِ عَلَيْهِ دَلِيلٌ، يَفُوقُ مَنْ سَامَاهُ، وَيُعْجِزُهُ مَنْ نَاوَاهُ، وَيَتْعَبُ مَنْ جَارَاهُ، وَيَنْعِشُ مَنْ وَالَاهُ.

ذِكْرُ خِلَافَةِ الْمُهْتَدِي

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ رَجَبٍ بُويِعَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْوَاثِقِ، وَلُقِّبَ بِالْمُهْتَدِي بِاللَّهِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، وَأُمُّهُ رُومِيَّةٌ، وَكَانَتْ تُسَمَّى قُرْبَ، وَلَمْ يَقْبَلْ بَيْعَةَ أَحَدٍ، فَأَتَى بِالْمُعْتَزِّ فَخَلَعَ نَفْسَهُ، وَأَقَرَّ بِالْعَجْزِ عَمَّا أُسْنِدَ إِلَيْهِ، وَبِالرَّغْبَةِ فِي تَسْلِيمِهَا إِلَى ابْنِ الْوَاثِقِ، فَبَايَعَهُ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ.

ذِكْرُ الشَّغَبِ بِبَغْدَاذَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ شَغَبَتِ الْعَامَّةُ بِبَغْدَاذَ سَلْخَ رَجَبٍ، وَوَثَبُوا بِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.

وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ كِتَابَ الْمُهْتَدِي وَرَدَ سَلْخَ رَجَبٍ إِلَى سُلَيْمَانَ يَأْمُرُهُ بِأَخْذِ الْبَيْعَةِ لَهُ ; وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ بِبَغْدَاذَ، وَكَانَ الْمُعْتَزُّ قَدْ سَيَّرَهُ إِلَيْهَا، كَمَا تَقَدَّمَ، فَأَرْسَلَ سُلَيْمَانُ إِلَيْهِ، فَأَخَذَهُ إِلَى دَارِهِ.

وَسَمِعَ مَنْ بِبَغْدَاذَ مِنَ الْجُنْدِ وَالْعَامَّةِ بِأَمْرِ الْمُعْتَزِّ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى بَابِ دَارِ سُلَيْمَانَ، فَقَاتَلَهُمْ أَصْحَابُهُ، وَقِيلَ لَهُمْ: مَا يَرِدُ عَلَيْنَا مِنْ سَامَرَّا خَبَرٌ، فَانْصَرَفُوا.

وَرَجَعُوا الْغَدَ، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، عَلَى ذَلِكَ، وَخُطِبَ لِلْمُعْتَزِّ بِبَغْدَاذَ، فَانْصَرَفُوا، وَبَكَّرُوا يَوْمَ السَّبْتِ، فَهَجَمُوا عَلَى دَارِ سُلَيْمَانَ، وَنَادَوْا بَاسِمِ أَبِي أَحْمَدَ، وَدَعَوْا إِلَى بَيْعَتِهِ، وَسَأَلُوا سُلَيْمَانَ أَنْ يُرِيَهُمْ أَبَا أَحْمَدَ، فَأَظْهَرَهُ لَهُمْ، وَوَعَدَهُمْ أَنْ يَصِيرَ إِلَى مَحَبَّتِهِمْ إِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مَا يُحِبُّونَ، فَانْصَرَفُوا بَعْدَ أَنْ أَكَّدُوا عَلَيْهِ فِي حِفْظِ أَبِي أَحْمَدَ.

ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ مِنْ سَامَرَّا مَالٌ فَفُرِّقَ فِيهِمْ، فَرَضُوا، وَبَايَعُوا لِلْمُهْتَدِي لِسَبْعٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ وَسَكَنَتِ الْفِتْنَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>