للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحَرَّكُوا فِي أَوَّلِ رَجَبٍ لِطَلَبِ أَرْزَاقِهِمْ، فَوَجَّهَ الْمُهْتَدِي إِلَيْهِمْ أَخَاهُ أَبَا الْقَاسِمِ، وَكَيْغَلَغَ وَغَيْرَهُمَا، فَسَكَّنُوهُمْ، فَرَجَعُوا، وَبَلَغَ أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ بُغَا أَنَّ الْمُهْتَدِيَ قَالَ لِلْأَتْرَاكِ: إِنَّ الْأَمْوَالَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمُوسَى ابْنَيْ بُغَا، فَهَرَبَ إِلَى أَخِيهِ وَهُوَ بِالسِّنِّ مُقَابِلَ مُسَاوِرٍ الشَّارِيِّ، فَكَتَبَ الْمُهْتَدِي إِلَيْهِ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ يُعْطِيهِ الْأَمَانَ، فَرَجَعَ هُوَ وَأَخُوهُ حَيْسُونٌ، فَحَبَسَهُمَا، وَمَعَهُمَا كَيْغَلَغَ، وَطُولِبَ أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بُغَا بِالْأَمْوَالِ، فَقُبِضَ مِنْ وَكِيلِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَقُتِلَ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ، وَرُمِيَ بِهِ فِي بِئْرٍ فَأَنْتَنَ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْحَسَنُ بْنُ الْمَأْمُونِ.

وَكَتَبَ الْمُهْتَدِي إِلَى مُوسَى بْنِ بُغَا، لَمَّا حَبَسَ أَخَاهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَسْكَرَ إِلَى بَايِكْبَاكَ وَيَرْجِعَ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى بَايِكْبَاكَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْعَسْكَرَ، وَيَقُومَ بِحَرْبِ مُسَاوِرٍ الشَّارِيِّ، وَقَتْلِ مُوسَى بْنِ بُغَا وَمُفْلِحٍ، فَسَارَ بَايِكْبَاكُ بِالْكِتَابِ إِلَى مُوسَى، فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَسْتُ أَفْرَحُ بِهَذَا، فَإِنَّهُ تَدْبِيرٌ عَلَيْنَا جَمِيعِنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَالَ مُوسَى: أَرَى أَنْ تَسِيرَ إِلَى سَامَرَّا، وَتُخْبِرَهُ أَنَّكَ فِي طَاعَتِهِ وَنُصْرَتِهِ عَلَيَّ وَعَلَى مُفْلِحٍ، فَهُوَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْكَ، ثُمَّ تُدِبِّرُ فِي قَتْلِهِ.

فَأَقْبَلَ إِلَى سَامَرَّا، فَوَصَلَهَا وَمَعَهُ يَارْكُوجُ، وَأَسَارْتَكِينُ، وَسِيمَا الطَّوِيلُ، وَغَيْرُهُمْ، فَدَخَلُوا دَارَ الْخِلَافَةِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَجَبٍ، فَحَبَسَ بَايِكْبَاكَ وَصَرَفَ الْبَاقِينَ، فَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ بَايِكْبَاكَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَقَالُوا: لِمَ حُبِسَ قَائِدُنَا، وَلِمَ قُتِلَ أَبُو نَصْرِ بْنُ بُغَا؟

وَكَانَ عِنْدَ الْمُهْتَدِي صَالِحُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ الْمَنْصُورِ، فَشَاوَرَهُ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِكَ مَا بَلَغْتَهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ أَعْظَمَ شَأْنًا عِنْدَ أَهْلِ خُرَاسَانَ مِنْ هَذَا عِنْدَ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَعْبُدُهُ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ طُرِحَ رَأْسُهُ حَتَّى سَكَتُوا، فَلَوْ فَعَلْتَ مِثْلَ ذَلِكَ سَكَتُوا.

فَرَكِبَ الْمُهْتَدِي، وَقَدْ (جُمِعَ لَهُ جَمِيعُ) الْمَغَارِبَةِ، وَالْأَتْرَاكِ، وَالْفَرَاغِنَةِ، فَصَيَّرَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>