للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهُوَ كَالصَّبِيِّ الْمَنْفُوسِ، وَمَكَثَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: عِشْرِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَنْبَتَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، وَهُوَ الْقَرْعُ، يَتَقَطَّرُ إِلَيْهِ مِنَ اللَّبَنِ، وَقِيلَ: هَيَّأَ اللَّهُ لَهُ أَرْوِيَةً وَحْشِيَّةً، فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً حَتَّى رَجَعَتْ إِلَيْهِ قُوَّتُهُ وَصَارَ يَمْشِي، فَرَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى الشَّجَرَةِ فَوَجَدَهَا قَدْ يَبِسَتْ، فَحَزِنَ وَبَكَى عَلَيْهَا، فَعَاتَبَهُ اللَّهُ، وَقِيلَ لَهُ: أَتَبْكِي وَتَحْزَنُ عَلَى الشَّجَرَةِ وَلَا تَحْزَنُ عَلَى مِائَةِ أَلْفٍ وَزِيَادَةٍ أَرَدْتَ أَنْ تُهْلِكَهُمْ! .

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ قَوْمَهُ فَيُخْبِرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَابَ عَلَيْهِمْ، فَعَمَدَ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَ رَاعِيًا، فَسَأَلَهُ عَنْ قَوْمِ يُونُسَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ عَلَى رَجَاءٍ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْهِمْ رَسُولُهُمْ، قَالَ: فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّكَ قَدْ لَقِيتَ يُونُسَ. قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ إِلَّا بِشَاهِدٍ فَسَمَّى لَهُ عَنْزًا مِنْ غَنَمِهِ وَالْبُقْعَةَ الَّتِي كَانَا فِيهَا وَشَجَرَةً هُنَاكَ، وَقَالَ: كُلُّ هَذِهِ تَشْهَدُ لَكَ، فَرَجَعَ الرَّاعِي إِلَى قَوْمِهِ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ رَأَى يُونُسَ، فَهَمُّوا بِهِ، فَقَالَ: لَا تَعْجَلُوا حَتَّى أُصْبِحَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا بِهِمْ إِلَى الْبُقْعَةِ الَّتِي لَقِيَ فِيهَا يُونُسَ فَاسْتَنْطَقَهَا، فَشَهِدَتْ لَهُ، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ وَالشَّجَرَةُ وَكَانَ يُونُسُ قَدِ اخْتَفَى هُنَاكَ. فَلَمَّا شَهِدَتِ الشَّاةُ قَالَتْ لَهُمْ: إِنْ أَرَدْتُمْ نَبِيَّ اللَّهِ فَهُوَ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَأَتَوْهُ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَبَّلُوا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَأَدْخَلُوهُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، فَمَكَثَ مَعَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَخَرَجَ سَائِحًا، وَخَرَجَ الْمَلِكُ مَعَهُ يَصْحَبُهُ، وَسَلَّمَ الْمَلِكُ إِلَى الرَّاعِي، فَأَقَامَ يُدَبِّرُ أَمْرَهُمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ يُونُسَ أَتَاهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>