وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَيْحَةً فَمَاتُوا.
وَمِمَّا كَانَ مِنَ الْأَحْدَاثِ شَمْسُونْ
وَكَانَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الرُّومِ قَدْ آمَنَ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ، وَكَانَ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَغْزُوهُمْ وَحْدَهُ وَيُقَاتِلُهُمْ بِلَحْيِ جَمَلٍ. فَكَانَ إِذَا عَطِشَ انْفَجَرَ لَهُ مِنَ الْحَجَرِ الَّذِي فِيهِ مَاءٌ عَذْبٌ فَيَشْرَبُ مِنْهُ، وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ قُوَّةً لَا يُوثِقُهُ حَدِيدٌ وَلَا غَيْرُهُ، وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ يُجَاهِدُهُمْ وَيُصِيبُ مِنْهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ، فَجَعَلُوا لِامْرَأَتِهِ جَعْلًا لِتُوثِقَهُ لَهُمْ، فَأَجَابَتْهُمْ إِلَى ذَلِكَ، فَأَعْطَوْهَا حَبْلًا وَثِيقًا، فَتَرَكَتْهُ حَتَّى نَامَ وَشَدَّتْ يَدَيْهِ، فَاسْتَيْقَظَ وَجَذَبَهُ، فَسَقَطَ الْحَبْلُ مِنْ يَدَيْهِ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ فَأَعْلَمَتْهُمْ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهَا بِجَامِعَةٍ مِنْ حَدِيدٍ، فَتَرَكَتْهَا فِي يَدَيْهِ وَعُنُقِهِ وَهُوَ نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظَ وَجَذَبَهَا فَسَقَطَتْ مِنْ عُنُقِهِ وَيَدَيْهِ، فَقَالَ لَهَا فِي الْمَرَّتَيْنِ: مَا حَمَلَكِ عَلَى مَا صَنَعْتِ؟ فَقَالَتْ: أُرِيدُ أُجَرِّبَ قُوَّتَكَ وَمَا رَأَيْتُ مِثْلَكَ فِي الدُّنْيَا فَهَلْ فِي الْأَرْضِ شَيْءٌ يَغْلِبُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَلَمْ تَزَلْ تَسْأَلُهُ حَتَّى قَالَ لَهَا: وَيْحَكِ لَا يَضْبُطُنِي إِلَّا شَعْرِي! فَلَمَّا نَامَ أَوْثَقَتْ يَدَيْهِ بِشَعْرِ رَأْسِهِ، وَكَانَ كَثِيرًا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَجَاءُوا فَأَخَذُوهُ فَجَدَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ وَفَقَأُوا عَيْنَيْهِ وَأَقَامُوهُ لِلنَّاسِ. وَجَاءَ الْمَلِكُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ عَلَى أَسَاطِينَ، فَدَعَا اللَّهَ شَمْسُونْ أَنْ يُسَلِّطَهُ عَلَيْهِمْ، فَأُمِرَ أَنْ يَأْخُذَ بِعَمُودَيْنِ مِنْ عُمُدِ الْمَدِينَةِ فَيَجْذِبَهُمَا، وَرَدَّ إِلَيْهِ بَصَرَهُ وَمَا أَصَابُوهُ مِنْ جَسَدِهِ، وَجَذَبَ الْعَمُودَيْنِ فَوَقَعَتِ الْمَدِينَةُ بِالْمَلِكِ وَالنَّاسِ وَهَلَكَ مَنْ فِيهَا هَدْمًا. وَكَانَ شَمْسُونْ أَيَّامَ مُلُوكِ الطَّوَائِفِ.
وَمِمَّا كَانَ مِنَ الْأَحْدَاثِ أَيْضًا جِرْجِيسُ
قِيلَ: كَانَ بِالْمَوْصِلِ مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ دَازَانَهْ، وَكَانَ جَبَّارًا عَاتِيًا، وَكَانَ جِرْجِيسُ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَهْلِ فَلَسْطِينَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ صَالِحِينَ، وَكَانُوا قَدْ أَدْرَكُوا بَقَايَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute