للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَوَى الْمُوَفَّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَفْلَتَ سُلَيْمَانُ بْنُ جَامِعٍ وَنَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَكَثُرَ الْقَتْلُ فِيهِمْ وَالْأَسْرُ، وَاسْتَنْقَذَ أَبُو أَحْمَدَ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ وَاسِطَ، وَالْكُوفَةِ، وَالْقُرَى، وَغَيْرِهَا، وَصِبْيَانِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا، فَأَمَرَ أَبُو أَحْمَدَ بِحَمْلِهِمْ إِلَى وَاسِطَ، وَدَفَعَهُمْ إِلَى أَهْلِيهِمْ ; وَأَحَذَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الذَّخَائِرِ، وَالْأَمْوَالِ، وَأَمَرَ بِصَرْفِهِ إِلَى الْأَجْنَادِ، وَأَسَرَ مِنْ نِسَاءِ سُلَيْمَانَ وَأَوْلَادِهِ عِدَّةً، وَتَخَلَّصَ مَنْ كَانَ أُخِذَ مِنْ أَصْحَابِ الْمُوَفَّقِ، وَنَجَا جَمْعٌ كَثِيرٌ إِلَى الْآجَامِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِطَلَبِهِمْ، فَأَقَامَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهَدَمَ سُورَ الْمَدِينَةِ، وَطَمَّ خَنَادِقَهَا، وَجَعَلَ لِكُلِّ مَنْ أَتَاهُ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ جُعْلًا، فَكَانَ إِذَا أُتِيَ بِالْوَاحِدِ مِنْهُمْ عَفَا عَنْهُ وَضَمَّهُ إِلَى قُوَّادِهِ وَغِلْمَانِهِ، لِمَا كَانَ دَبَّرَهُ مِنَ اسْتِمَالَتِهِمْ.

وَأَرْسَلَ فِي طَلَبِ سُلَيْمَانَ بْنِ جَامِعٍ، حَتَّى بَلَغُوا دِجْلَةَ الْعَوْرَاءَ، فَلَمْ يَظْفَرُوا بِهِ، وَأَمَرَ زِيرَكَ بِالْمُقَامِ بِطَهَثَا لِيَتَرَاجَعَ إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَةِ أَهْلُهَا وَيَأْمَنُوا.

ذِكْرُ مَسِيرِ الْمُوَفَّقِ إِلَى الْأَهْوَازَ وَإِجْلَاءِ الزِّنْجِ عَنْهَا

فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ مِنَ الْمَنْصُورِ رَحَلَ نَحْوَ الْأَهْوَازِ لِإِصْلَاحِهَا وَإِجْلَاءِ الزَّنْجِ عَنْهَا، فَأَمَرَ ابْنَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ، فَأَمَرَ بِإِصْلَاحِ الطَّرِيقِ لِلْجُيُوشِ، اسْتَخْلَفَ عَلَى مَنْ تَرَكَ مِنْ عَسْكَرِهِ بِوَاسِطَ ابْنَهُ هَارُونَ، وَلَحِقَهُ زِيرَكُ فَأَخْبَرَهُ بِعَوْدِ أَهْلِ طَهْثَا إِلَيْهَا، وَأَمَّنَ النَّاسَ، فَأَمَرَ الْمُوَفَّقُ بِالِانْحِدَارِ فِي الشَّذَا وَالسُّمَيْرِيَّاتِ مَعَ نُصَيْرٍ، وَتَتَبُّعِ الْمُنْهَزِمِينَ، وَالْإِيقَاعِ بِهِمْ وَبِمَنْ ظَفِرُوا بِهِ مِنَ الزَّنْجِ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى مَدِينَةِ الْخَبِيثِ بِنَهْرِ أَبِي الْخَصِيبِ، وَسَارَ.

وَارْتَحَلَ الْمُوَفَّقُ مُسْتَهَلَّ جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ وَاسِطَ حَتَّى أَتَى السُّوسَ، وَأَمَرَ مَسْرُورًا بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَامِلُهُ هُنَاكَ، فَأَتَاهُ.

وَكَانَ الْخَبِيثُ لَمَّا بَلَغَهُ مَا عَمِلَ الْمُوَفَّقُ بِسُلَيْمَانَ بْنِ جَامِعٍ وَالزَّنْجِ خَافَ أَنْ يَأْتِيَهُ وَهُوَ عَلَى حَالٍ تَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ عَنْهُ، وَكَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبَانٍ بِالْقُدُومِ عَلَيْهِ، وَكَانَ بِالْأَهْوَازِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>