للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ وَقْعَةٍ بَيْنَ عَسْكَرِ ابْنِ أَبِي السَّاجِ وَالشُّرَاةِ

لَمَّا اسْتَوْلَى ابْنُ أَبِي السَّاجِ عَلَى الْمَوْصِلِ أَرْسَلَ طَائِفَةً مِنْ عَسْكَرِهِ مَعَ غُلَامِهِ فَتْحٍ، وَكَانَ شُجَاعًا مُقَدَّمًا عِنْدَهُ، إِلَى الْمَرْجِ مِنْ أَعْمَالِ الْمَوْصِلِ، فَسَارُوا إِلَيْهَا، وَجَبَوُا الْخَرَاجَ مِنْهَا.

وَكَانَ الْيَعْقُوبِيَّةُ الشُّرَاةُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَهَادَنَهُمْ، وَقَالَ:

إِنَّمَا مُقَامِي بِالْمَرْجِ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ ثُمَّ أَرْحَلُ عَنْهُ. فَسَكَنُوا إِلَى قَوْلِهِ، وَتَفَرَّقُوا، فَنَزَلَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْبِ مِنْ سُوقِ الْأَحَدِ، فَأَسْرَى إِلَيْهِمْ فَتْحٌ فِي السَّحَرِ، فَكَبَسَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، وَانْهَزَمَ الرِّجَالُ عَنْهُ.

وَكَانَ بَاقِي الْيَعْقُوبِيَّةِ قَدْ خَرَجُوا إِلَى أَصْحَابِهِمُ الَّذِينَ أَوْقَعَ بِهِمْ فَتْحٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْلَمُوا بِالْوَاقِعَةِ، فَلَقِيَهُمُ الْمُنْهَزِمُونَ مِنْ أَصْحَابِهِمْ، (فَاجْتَمَعُوا، وَعَادُوا إِلَى فَتْحٍ فَقَاتَلُوهُ) ، وَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَهَزَمُوهُ، وَقَتَلُوا مِنْ أَصْحَابِهِ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ أَلْفَ رَجُلٍ، فَأَفْلَتَ فِي نَحْوِ مِائَةِ رَجُلٍ، وَتَفَرَّقَ مِائَةٌ فِي الْقُرَى وَاخْتَفَوْا، وَعَادُوا إِلَى الْمَوْصِلِ مُتَفَرِّقِينَ، وَأَقَامُوا بِهَا.

ذِكْرُ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَوِلَايَةِ ابْنِهِ الْمُنْذِرِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ الْأُمَوِيُّ صَاحِبُ الْأَنْدَلُسِ، سَلْخَ صَفَرٍ، وَكَانَ عُمْرُهُ نَحْوًا مِنْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً وَأَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ أَبْيَضَ، مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ، رَبْعَةً، أَوْقَصَ، يَخْضِبُ بِالْحِنَّاءِ، وَالْكَتَمِ، وَخَلَّفَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَلَدًا ذُكُورًا، وَكَانَ ذَكِيًّا، فَطِنًا بِالْأُمُورِ الْمُشْتَبِهَةِ مُتَعَانِيًا مِنْهَا.

وَلَمَّا مَاتَ وَلِيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، بُويِعَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ بِثَلَاثِ لَيَالٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>