وَشَاعَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ، فَافْتَتَنَ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، (وَقَالُوا: رُفِعَ) ، ثُمَّ ظَهَرَ فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى، وَلَقِيَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَسَأَلُوهُ عَنْ قِصَّتِهِ، فَقَالَ: لَا يُمْكِنُ أَحَدًا أَنْ يَنَالَنِي بِسُوءٍ! فَعَظُمَ فِي أَعْيُنِهِمْ، ثُمَّ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ، فَخَرَجَ إِلَى نَاحِيَةِ الشَّامِ، فَلَمْ يُوقَفْ لَهُ عَلَى خَبَرٍ، وَسُمِّيَ بِاسْمِ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِي دَارِهِ كَرْمِيتَةَ صَاحِبِ الْأَثْوَارِ، ثُمَّ خُفِّفَ فَقِيلَ قَرْمَطُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ زِكْرَوَيْهِ عَنْهُ.
وَقِيلَ إِنَّ قَرْمَطَ لَقَبُ رَجُلٍ كَانَ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ يَحْمِلُ غَلَّةَ السَّوَادِ عَلَى أَثْوَارٍ لَهُ، وَاسْمُهُ حَمْدَانُ، ثُمَّ فَشَا مَذْهَبُ الْقَرَامِطَةِ بِسَوَادِ الْكُوفَةِ.
وَوَقَفَ الطَّائِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَى أَمْرِهِمْ، فَجَعَلَ عَلَى الرَّجُلِ مِنْهُمْ فِي السَّنَةِ دِينَارًا، فَقَدِمَ قَوْمٌ مِنَ الْكُوفَةِ، فَرَفَعُوا أَمْرَ الْقَرَامِطَةِ، وَالطَّائِيِّ إِلَى السُّلْطَانِ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ أَحْدَثُوا دِينًا غَيْرَ دِينِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَّا مَنْ بَايَعَهُمْ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلَهُمْ.
وَكَانَ فِيمَا حُكِيَ عَنِ الْقَرَامِطَةِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُمْ جَاءُوا بِكِتَابٍ فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ! يَقُولُ الْفَرَجُ بْنُ عُثْمَانَ، وَهُوَ مِنْ قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا نَصْرَانَةُ، دَاعِيَةُ الْمَسِيحِ، وَهُوَ عِيسَى، وَهُوَ الْكَلِمَةُ، وَهُوَ الْمَهْدِيُّ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ جِبْرِيلُ، وَذَكَرَ أَنَّ الْمَسِيحَ تَصَوَّرَ لَهُ فِي جِسْمِ إِنْسَانٍ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ الدَّاعِيَةُ، وَإِنَّكَ الْحُجَّةُ، وَإِنَّكَ النَّاقَةُ، وَإِنَّكَ الدَّابَّةُ، وَإِنَّكَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ، وَإِنَّكَ رُوحُ الْقُدُسِ.
وَعَرَّفَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَانِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ غُرُوبِهَا، وَأَنَّ الْأَذَانَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَرَّتَيْنِ، أَشْهَدُ أَنَّ آدَمَ رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ نُوحًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُوسَى رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ الِاسْتِفْتَاحَ، وَهِيَ مِنَ الْمُنَزَّلِ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْقِبْلَةَ إِلَى بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute