ذِكْرُ قَصْدِ الْمُعْتَضِدِ بَنِي شَيْبَانَ، وَصُلْحِهِ مَعَهُمْ
وَفِيهَا، فِي أَوَّلِ صَفَرٍ سَارَ الْمُعْتَضِدُ مِنْ بَغْدَاذَ يُرِيدُ بَنِي شَيْبَانَ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْتَمِعُونَ بِهِ مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ، فَلَمَّا بَلَغَهُمْ قَصْدُهُ جَمَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ، وَأَغَارَ الْمُعْتَضِدُ عَلَى أَعْرَابٍ عِنْدَ السِّنِّ، فَنَهَبَ أَمْوَالَهُمْ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، وَغَرِقَ مِنْهُمْ فِي الزَّابِّ مِثْلُ ذَلِكَ، وَعَجَزَ النَّاسُ عَنْ حَمْلِ مَا غَنِمُوهُ، فَبِيعَتِ الشَّاةُ بِدِرْهَمٍ، وَالْبَعِيرُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ.
وَسَارَ إِلَى الْمَوْصِلِ وَبَلَدَ، فَلَقِيَهُ بَنُو شَيْبَانَ يَسْأَلُونَهُ الْعَفْوَ، وَبَذَلُوا لَهُ رَهَائِنَ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى مَا طَلَبُوا، وَعَادَ إِلَى بَغْدَاذَ.
وَأَرْسَلَ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ الشَّيْخِ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِ ابْنِ كُنْدَاجِيقَ بِآمِدَ، فَبَعَثَهُ إِلَيْهِ وَمَعَهُ هَدَايَا كَثِيرَةٌ.
ذِكْرُ خُرُوجِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ عَلَى هَارُونَ وَكِلَاهُمَا خَارِجِيَّانِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَرَجَ مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَيُعْرَفُ بِأَبِي جَوْزَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي زُهَيْرٍ مِنْ أَهْلِ قَبْرَاثَا، مِنَ الْبَقْعَاءِ عَلَى هَارُونَ، وَكِلَاهُمَا مِنَ الْخَوَارِجِ، وَكَانَ أَوَّلَ أَمْرِهِ فَقِيرًا، وَكَانَ هُوَ وَابْنَانِ لَهُ يَلْتَقِطُونَ الْكَمْأَةَ وَيَبِيعُونَهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَعْمَالِ، ثُمَّ إِنَّهُ جَمَعَ جَمَاعَةً، وَحُكِّمَ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَهْلُ تِلْكَ النَّوَاحِي مِنَ الْأَعْرَابِ، وَقَوِيَ أَمْرُهُ، وَأَخَذَ عُشْرَ الْغَلَّاتِ، وَقَبَضَ الزَّكَاةَ، وَسَارَ إِلَى مَعْلَثَايَا، فَقَاطَعَهُ أَهْلُهَاَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ، (وَجَبَى تِلْكَ الْأَعْمَالَ) ، وَعَادَ وَبَنَى عِنْدَ سِنْجَارَ حِصْنًا، وَحَمَلَ إِلَيْهِ الْأَمْتِعَةَ، وَالْمِيرَةَ، وَجَعَلَ فِيهِ ابْنَهُ أَبَا هِلَالٍ وَمَعَهُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ رَجُلًا مِنْ وُجُوهِ بَنِي زُهَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ.
وَوَصَلَ خَبَرُهُمْ إِلَى هَارُونَ الشَّارِيِّ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُ وَرَأْيُ وُجُوهِ أَصْحَابِهِ عَلَى قَصْدِ الْحِصْنِ أَوَّلًا، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْهُ سَارُوا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَمَعَ أَصْحَابَهُ، فَبَلَغُوا مِائَةَ رَاجِلٍ، وَأَلْفًا وَمِائَتَيْ فَارِسٍ، وَسَارَ إِلَيْهِ مُبَادِرًا، وَأَحْدَقَ بِهِ وَحَصَرَهُ ; وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute