وَغَنِمَ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مَا لَا يُحَدُّ، وَشَحَنَ الْمَرَاكِبَ بِالدَّقِيقِ، وَالْأَمْتِعَةِ، وَرَجَعَ إِلَى مَسِّينِي وَهَدَمَ سُورَهَا، وَوَجَدَ بِهَا مَرَاكِبَ قَدْ وَصَلَتْ مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، فَأَخَذَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ مَرْكَبًا وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَقَامَ إِلَى سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ [وَمِائَتَيْنِ] ، فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، فَرَجَعَ إِلَيْهَا جَرِيدَةً فِي خَمْسِ قِطَعٍ شَوَانِي، وَتَرَكَ الْعَسْكَرَ مَعَ وَلَدَيْهِ أَبِي مُضَرَ، وَأَبِي مَعَدٍّ.
فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ اسْتَخْلَفَهُ أَبُوهُ بِهَا، وَسَارَ هُوَ إِلَى صِقِلِّيَةَ مُجَاهِدًا، عَازِمًا عَلَى الْحَجِّ بَعْدَ الْجِهَادِ، فَوَصَلَهَا فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَمَعَتْ طَيٌّ مَنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَعْرَابِ، وَخَرَجُوا عَلَى قُفُلِ الْحَاجِّ، فَوَاقَعُوهُمْ بِالْمَعْدِنِ، وَقَاتَلُوهُمْ يَوْمَيْنِ بَيْنَ الْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ، لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، فَانْهَزَمَ الْعَرَبُ وَقُتِلَ كَثِيرٌ وَسَلِمَ الْحَاجُّ.
وَفِيهَا مَاتَ إِسْحَاقُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيُّ - عَدِيُّ رَبِيعَةَ - أَمِيرُ دِيَارِ رَبِيعَةَ مِنْ بِلَادِ الْجَزِيرَةِ، فَوَلِيَ مَكَانَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْهَيْثَمِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ.
(وَفِيهَا تُوُفِّيَتْ قَطْرُ النَّدَى ابْنَةُ خُمَارَوَيْهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ طُولُونَ صَاحِبِ مِصْرَ، وَهِيَ امْرَأَةُ الْمُعْتَضِدِ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دَاوُدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute