وَاتَّصَلَ بِأَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ وَلَدِهِ أَبِي مُضَرَ زِيَادَةِ اللَّهِ وَالِي صِقِلِّيَةَ لَهُ اعْتِكَافُهُ عَلَى اللَّهْوِ، وَإِدْمَانُهُ شُرْبَ الْخَمْرِ، فَعَزَلَهُ وَوَلَّى مُحَمَّدَ (بْنَ) السَّرَقُوسِيِّ، وَحَبَسَ وَلَدَهُ.
فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْأَرْبِعَاءِ آخِرَ شَعْبَانَ مِنْ سَنَةِ تِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ قُتِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ، قَتَلَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ مِنْ خَدَمِهِ الصَّقَالِبَةِ بِوَضْعٍ مِنْ وَلَدِهِ، وَحَمَلُوا رَأْسَهُ إِلَى وَلَدِهِ أَبِي مُضَرَ، وَهُوَ فِي الْحَبْسِ، فَقَتَّلَ الْخَدَمَ وَصَلَبَهُمْ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي وَضَعَهُمْ، فَكَانَتْ إِمَارَتُهُ سَنَةً وَاثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا.
وَكَانَ سُكْنَاهُ وَقَتْلُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ بِمَدِينَةِ تُونُسَ.
وَكَانَ كَثِيرَ الْعَدْلِ، أَحْضَرَ جَمَاعَةً كَثِيرَةً عِنْدَهُ لِيُعِينُوهُ عَلَى الْعَدْلِ، وَيُعَرِّفُوهُ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ مَا يَفْعَلُ فِيهِ (عَلَى سَبِيلِ) الْإِنْصَافِ، وَأَمَرَ الْحَاكِمَ فِي بَلَدِهِ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ، وَعَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ، وَخَوَاصِّ أَصْحَابِهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ.
وَلَمَّا قُتِلَ وُلِّيَ ابْنُهُ أَبُو مُضَرَ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا نَذْكُرُهُ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ، مُنْتَصَفَ رَمَضَانَ قُتِلَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ الْمُوَفَّقِ، وَكَانَتْ وَالِدَتُهُ إِذَا سَأَلَتْ عَنْهُ قِيلَ لَهَا: إِنَّهُ فِي دَارِ الْمُكْتَفِي. فَلَمَّا مَاتَ الْمُكْتَفِي أَيِسَتْ مِنْهُ، فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ مَأْتَمًا.
وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ أَصْحَابِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ وَبَيْنَ ابْنِ جُسْتَانَ الدَّيْلَمِيِّ بِطَبَرِسْتَانَ، فَانْهَزَمَ ابْنُ جُسْتَانَ.
وَفِيهَا لَحِقَ إِسْحَاقُ الْفَرْغَانِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، بِالْبَادِيَةِ، وَأَظْهَرَ الْخِلَافَ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمُكْتَفِي، فَحَارَبَهُ أَبُو الْأَغَرِّ، فَهَزَمَهُ إِسْحَاقُ، وَقَتَلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute