للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحْضَرُوا ابْنَ الْمُعْتَزِّ وَبَايَعُوهُ بِالْخِلَافَةِ، وَكَانَ الَّذِي يَتَوَلَّى أَخْذَ الْبَيْعَةِ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَزْرَقُ، وَحَضَرَ النَّاسُ، وَالْقُوَّادُ، وَأَصْحَابُ الدَّوَاوِينِ، سِوَى أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَخَوَاصِّ الْمُقْتَدِرِ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا.

وَلُقِّبَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ الْمُرْتَضِيَ بِاللَّهِ، وَاسْتَوْزَرَ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ الْجَرَّاحَ، وَقَلَّدَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الدَّوَاوِينَ، وَكُتِبَتِ الْكُتُبُ إِلَى الْبِلَادِ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُرْتَضِي بِاللَّهِ أَبِي الْعَبَّاسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ بِاللَّهِ، وَوَجَّهَ إِلَى الْمُقْتَدِرِ يَأْمُرُهُ بِالِانْتِقَالِ إِلَى دَارِ ابْنِ طَاهِرٍ الَّتِي كَانَ مُقِيمًا فِيهَا، لِيَنْتَقِلَ هُوَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَأَجَابَهُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَسَأَلَ الْإِمْهَالَ إِلَى اللَّيْلِ.

وَعَادَ الْحُسَيْنُ بْنُ حَمْدَانَ بُكَرَةَ غَدٍ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ، فَقَاتَلَهُ الْخَدَمُ وَالْغِلْمَانُ وَالرَّجَّالَةُ مِنْ وَرَاءِ السُّتُورِ عَامَّةَ النَّهَارِ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ آخِرَ النَّهَارِ، فَلَمَّا جَنَّهُ اللَّيْلُ سَارَ عَنْ بَغْدَاذَ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَكُلِّ مَا لَهُ إِلَى الْمَوْصِلِ، لَا يَدْرِي لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مَعَ الْمُقْتَدِرِ مِنَ الْقُوَّادِ غَيْرُ مُؤْنِسٍ الْخَادِمِ، وَمُؤْنِسٍ الْخَازِنِ، وَغَرِيبِ الْخَالِ وَحَاشِيَةِ الدَّارِ.

فَلَمَّا هَمَّ الْمُقْتَدِرُ بِالِانْتِقَالِ عَنِ الدَّارِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا نُسَلِّمُ الْخِلَافَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ نُبْلِيَ عُذْرًا، وَنَجْتَهِدَ فِي دَفْعِ مَا أَصَابَنَا، فَأُجْمِعَ رَأْيُهُمْ عَلَى أَنْ يَصْعَدُوا فِي الْمَاءِ إِلَى الدَّارِ الَّتِي فِيهَا ابْنُ الْمُعْتَزِّ بِالْحُرَمِ يُقَاتِلُونَهُ، فَأَخْرَجَ لَهُمُ الْمُقْتَدِرُ السِّلَاحَ وَالزَّرَدِيَّاتِ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَرَكِبُوا السُّمَيْرِيِّاتِ، وَأَصْعَدُوا فِي الْمَاءِ، فَلَمَّا رَآهُمْ مَنْ عِنْدَ ابْنِ الْمُعْتَزِّ هَالَهُمْ كَثْرَتُهُمْ، وَاضْطَرَبُوا وَهَرَبُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِمْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّ الْحَسَنَ بْنَ حَمْدَانَ عَرَفَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَجْرِيَ فَهَرَبَ مِنَ اللَّيْلِ، وَهَذِهِ مُوَاطَأَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقْتَدِرِ، وَهَذَا كَانَ سَبَبَ هَرَبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>