بِالتَّأْوِيلِ وَالطَّعْنِ عَلَيْهِ.
فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي زَيْنَبَ مَوْلَى بَنِي أَسَدٍ وَأَبُو شَاكِرٍ مَيْمُونُ بْنُ دَيْصَانَ صَاحِبُ كِتَابِ " الْمِيزَانِ " فِي نُصْرَةِ الزَّنْدَقَةِ، وَغَيْرُهُمَا، فَأَلْقَوْا إِلَى مَنْ وَثِقُوا بِهِ أَنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْعِبَادَاتِ بَاطِنًا وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُوجِبْ عَلَى أَوْلِيَائِهِ، وَمَنْ عَرَفَ الْأَئِمَّةَ وَالْأَبْوَابَ، صَلَاةً وَلَا زَكَاةً، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، وَأَبَاحُوا لَهُمْ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ قُيُودٌ لِلْعَامَّةِ سَاقِطَةٌ عَنِ الْخَاصَّةِ.
وَكَانُوا يُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ لِآلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيَسْتُرُوا أَمْرَهُمْ، وَيَسْتَمِيلُوا الْعَامَّةَ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُمْ فِي الْبِلَادِ، وَأَظْهَرُوا الزُّهْدَ وَالْعِبَادَةَ، يُغْرُونَ النَّاسَ بِذَلِكَ وَهُمْ عَلَى خِلَافِهِ، فَقُتِلَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِالْكُوفَةِ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ قَالُوا لَهُ: إِنَّا نَخَافُ الْجُنْدَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَسْلِحَتَهُمْ لَا تَعْمَلُ فِيكُمْ، فَلَمَّا ابْتَدَؤُوا فِي ضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ قَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ أَلَمْ تَقُلْ إِنَّ سُيُوفَهُمْ لَا تَعْمَلُ فِينَا؟ فَقَالَ: إِذَا كَانَ قَدْ أَرَادَ اللَّهُ فَمَا حِيلَتِي؟ وَتَفَرَّقَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي الْبِلَادِ وَتَعَلَّمُوا الشَّعْبَذَةَ، وَالنَّارِنْجِيَّاتِ، وَالزَّرَقَ وَالنُّجُومَ، وَالْكِمْيَاءَ، فَهُمْ يَحْتَالُونَ عَلَى كُلِّ قَوْمٍ بِمَا يَتَّفِقُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى الْعَامَّةِ بِإِظْهَارِ الزُّهْدِ.
وَنَشَأَ لِابْنِ دَيْصَانَ ابْنٌ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ الْقَدَّاحُ، عَلَّمَهُ الْحِيَلَ، وَأَطْلَعَهُ عَلَى أَسْرَارِ هَذِهِ النِّحْلَةِ، فَحَذَقَ وَتَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute