أَنْ يُنْفِذَهَا إِلَى الْخَاقَانِيِّ لِيُمَيِّزَ الصَّحِيحَ مِنَ الْمُزَوَّرِ عَلَيْهِ، فَيَكُونَ الذَّمُّ لَهُ، فَلَمَّا عُرِضَتْ تِلْكَ الْخُطُوطُ عَلَيْهِ، قَالَ: هَذِهِ جَمِيعُهَا خَطِّي وَأَنَا أَمَرْتُ بِهَا، فَلَمَّا عَادَ الرَّسُولُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بِذَلِكَ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَذَبَ، وَقَدْ عَلِمَ الْمُزَوَّرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّهُ اعْتَرَفَ بِهَا لِيَحْمَدَهُ النَّاسُ وَيَذُمُّونِي، وَأَمَرَ بِهَا فَأُجِيزَتْ.
وَقَالَ الْخَاقَانِيُّ لِوَلَدِهِ: يَا بُنَيَّ هَذِهِ لَيْسَتْ خَطِّي، وَلَكِنَّهُ أَنْفَذَهَا إِلَيَّ وَقَدْ عَرَفَ الصَّحِيحَ مِنَ السَّقِيمِ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّوْكَ بِأَيْدِينَا، وَيُبَغِّضَنَا إِلَى النَّاسِ، وَقَدْ عَكَسْتُ مَقْصُودَهُ.
ذِكْرُ خِلَافِ سِجِسْتَانَ وَعَوْدِهَا إِلَى طَاعَةِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ السَّامَانِيِّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَنْفَذَ الْأَمِيرُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ السَّامَانِيُّ عَسْكَرًا إِلَى سِجِسْتَانَ لِيَفْتَحَهَا ثَانِيًا، وَكَانَتْ قَدْ عَصَتْ عَلَيْهِ، وَخَافَ مَنْ بِهَا.
وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ هُرْمُزَ، الْمَعْرُوفَ بِالْمَوْلَى الصَّنْدَلِيِّ، كَانَ خَارِجِيَّ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ قَدْ أَقَامَ بِبُخَارَى وَهُوَ مِنْ أَهْلِ سِجِسْتَانَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا، فَجَاءَ يَوْمًا إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَارِضِ يَطْلُبُ رِزْقَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْأَصْلَحَ لِمِثْلِكَ مِنَ الشُّيُوخِ أَنْ يَلْزَمَ رِبَاطًا يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهِ، حَتَّى يُوَافِيَهُ أَجْلُهُ، فَغَاظَهُ ذَلِكَ، فَانْصَرَفَ إِلَى سِجِسْتَانَ وَالْوَالِي عَلَيْهَا مَنْصُورُ بْنُ إِسْحَاقَ، فَاسْتَمَالَ جَمَاعَةً مِنَ الْخَوَارِجِ، وَدَعَا إِلَى الصَّفَّارِ، وَبَايَعَ فِي السِّرِّ لِعَمْرِو بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ اللَّيْثِ، وَكَانَ رَئِيسَهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَفَّارِ، وَكَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ، فَخَرَجُوا، وَقَبَضُوا عَلَى مَنْصُورِ بْنِ إِسْحَاقَ أَمِيرِهِمْ وَحَبَسُوهُ فِي (سِجْنِ أَرْكٍ) وَخَطَبُوا لِعَمْرِو بْنِ يَعْقُوبَ، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ سِجِسْتَانَ.
فَلَمَّا بَلَغَ الْخَبَرُ إِلَى الْأَمِيرِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ سَيَّرَ الْجُيُوشَ مَعَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، مَرَّةً ثَانِيَةً إِلَى زَرَنْجَ، فِي سَنَةِ ثَلَاثِمِائَةٍ، فَحَصَرَهَا تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَصَعِدَ يَوْمًا مُحَمَّدُ بْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute