الْحَسَنِ: يَا بُنَيَّ! هَاهُنَا شَيْءٌ مِنَ الْغِرَاءِ نَلْصِقُ بِهِ كَاغِدًا؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا هَاهُنَا بِالْخَاءِ، فَحَقَدَهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُوَلِّهِ شَيْئًا، وَوَلَّى ابْنَيْهِ أَبَا الْقَاسِمِ، وَأَبَا الْحُسَيْنِ، وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ يُنْكِرُ تَرْكَهُ مَعْزُولًا، وَيَقُولُ: أَنَا أَشْرَفُ مِنْهُمَا لِأَنَّ أُمِّي حَسَنِيَّةٌ، وَأُمَّهُمَا أَمَةٌ.
وَكَانَ أَبُو الْحَسَنِ شَاعِرًا، وَلَهُ مُنَاقَضَاتٌ مَعَ ابْنِ الْمُعْتَزِّ، وَلَحِقَ أَبُو الْحَسَنِ بِابْنِ أَبِي السَّاجِ، (فَخَرَجَ مَعَهُ يَوْمًا مُتَصَيِّدًا، فَسَقَطَ عَنْ دَابَّتِهِ فَبَقِيَ رَاجِلًا، فَمَرَّ بِهِ ابْنُ أَبِي السَّاجِ) فَقَالَ لَهُ: ارْكَبْ مَعِي عَلَى دَابَّتِي! فَقَالَ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ لَا يَصْلُحُ بَطَلَانِ عَلَى دَابَّةٍ.
ذِكْرُ الْقَرَامِطَةِ وَقَتْلِ الْجَنَّابِيِّ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قُتِلَ أَبُو سَعِيدٍ الْحَسَنُ بْنُ بَهْرَامَ الْجَنَّابِيُّ كَبِيرُ الْقَرَامِطَةِ قَتَلَهُ خَادِمٌ لَهُ صَقْلَبِيٌّ فِي الْحَمَّامِ، فَلَمَّا قَتَلَهُ اسْتَدْعَى رَجُلًا مِنْ أَكَابِرِ رُؤَسَائِهِمْ وَقَالَ لَهُ: السَّيِّدُ يَسْتَدْعِيكَ، فَلَمَّا دَخَلَ قَتَلَهُ، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، (مِنْ رُؤَسَائِهِمْ) ، وَاسْتَدْعَى الْخَامِسَ، فَلَمَّا دَخَلَ فَطِنَ لِذَلِكَ، فَأَمْسَكَ بِيَدِ الْخَادِمِ وَصَاحَ، فَدَخَلَ النَّاسُ، وَصَاحَ النِّسَاءُ، وَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْخَادِمِ مُنَاظَرَاتٌ ثُمَّ قَتَلُوهُ.
وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ قَدْ عَهِدَ إِلَى ابْنِهِ سَعِيدٍ، وَهُوَ الْأَكْبَرُ، فَعَجَزَ عَنِ الْأَمْرِ، فَغَلَبَهُ أَخُوهُ الْأَصْغَرُ أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ، وَكَانَ شَهْمًا شُجَاعًا، وَيَرِدُ مِنْ أَخْبَارِهِ مَا يُعْلَمُ بِهِ مَحَلُّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute