للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَتَبَ كَثِيرٌ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَتَبَرَّأُ مِنْ ذَلِكَ، وَيَجْعَلُ الذَّنْبَ فِيهِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى بَدْرٍ الْحَمَّامِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَسِيرَ بِنَفْسِهِ إِلَى قِتَالِ كَثِيرٍ، فَتَجَهَّزَ بَدْرٌ، فَلَمَّا سَمِعَ كَثِيرٌ ذَلِكَ خَافَ، فَأَرْسَلَ يَطْلُبُ الْمُقَاطَعَةَ عَلَى مَالٍ يَحْمِلُهُ كُلَّ سَنَةٍ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَقُوطِعَ عَلَى خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقُرِّرَتِ الْبِلَادُ عَلَيْهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي الصَّيْفِ، خَافَتِ الْعَامَّةُ بِبَغْدَادَ مِنْ حَيَوَانٍ كَانُوا يُسَمُّونَهُ الزَّبْزَبَ، وَيَقُولُونَ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ فِي اللَّيْلِ عَلَى سُطُوحِهِمْ، وَإِنَّهُ يَأْكُلُ أَطْفَالَهُمْ، وَرُبَّمَا عَضَّ يَدَ الرَّجُلِ وَثَدْيَ الْمَرْأَةِ فَقَطَعَهُمَا، (وَهَرَبَ بِهِمَا) ، فَكَانَ النَّاسُ يَتَحَارَسُونَ، وَيَتَزَاعَقُونَ، وَيَضْرِبُونَ بِالطُّشُوتِ وَالصَّوَانِي وَغَيْرِهَا لِيُفْزِعُوهُ فَارْتَجَّتْ بَغْدَاذُ لِذَلِكَ. ثُمَّ إِنَّ أَصْحَابَ السُّلْطَانِ صَادُوا لَيْلَةً حَيَوَانًا أَبْلَقَ بِسَوَادٍ، قَصِيرَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، فَقَالُوا: هَذَا هُوَ الزَّبْزَبُ، وَصَلَبُوهُ عَلَى الْجِسْرِ، فَسَكَنَ النَّاسُ، وَهَذِهِ دَابَّةٌ تُسَمَّى طَبْرَةَ، وَأَصَابَ اللُّصُوصُ حَاجَتَهُمْ لِاشْتِغَالِ النَّاسِ عَنْهُمْ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ النَّاصِرُ الْعَلَوِيُّ، صَاحِبُ طَبَرِسْتَانَ، فِي شَعْبَانَ وَعُمْرُهُ تِسْعٌ وَسَبْعُونَ سَنَةً، وَبَقِيَتْ طَبَرِسْتَانَ فِي أَيْدِي الْعَلَوِيَّةِ إِلَى أَنْ قُتِلَ الدَّاعِي، وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَثَلَاثِمِائَةٍ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.

وَفِيهَا خَالَفَ أَبُو زَيْدٍ خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَادَرَائِيُّ عَلَى الْمُقْتَدِرِ بِاللَّهِ بِكَرْمَانَ وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>