(وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا) وَأَسْقَطَ خُطْبَةَ السَّعِيدِ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ، وَأَنْفَذَ رَسُولًا إِلَى بَغْدَاذَ يَخْطُبُ لَهُ أَعْمَالَ خُرَاسَانَ.
وَسَارَ مِنْ نَيْسَابُورَ إِلَى جُرْجَانَ وَبِهَا قُرَاتِكِينُ، فَحَارَبَهُ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، (وَأَخْرَجَ قُرَائِكِينَ عَنْهَا، ثُمَّ عَادَ إِلَى خُرَاسَانَ، وَقَصَدَ مَرْوَ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا) ، وَبَنَى عَلَيْهَا سُورًا وَتَحَصَّنَ بِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ السَّعِيدُ نَصْرٌ الْجُيُوشَ مَعَ حَمُّوَيْهِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بُخَارَى، فَوَافَى مَرْوَ الرُّوذَ، فَأَقَامَ بِنَوَاحِيهَا لِيَخْرُجَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ مِنْهَا، فَلَمْ يَفْعَلْ.
وَدَخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ عَلَيْهِ يَوْمًا، وَهُوَ يُفَكِّرُ بَعْدَ نُزُولِ حَمُّوَيْهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: لَا شَكَّ أَنَّ الْأَمِيرَ مَشْغُولُ الْقَلْبِ لِهَذَا الْخَطْبِ، فَمَا هُوَ رَأْيُ الْأَمِيرِ؟ فَقَالَ: لَيْسَ بِي مَا تَظُنُّ، وَلَكِنْ ذَكَرْتُ رُؤْيَا رَأَيْتُهَا فِي حَبْسِ سِجِسْتَانَ، وَذَكَرَ قَوْلَ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّكَ لَا تَلِي عَمَلًا بِرَأْسِكَ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ الْقَوْمَ يَغْتَنِمُونَ سِلْمَكَ، وَيُعْطُونَكَ مَا تُرِيدُ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ يَتَوَسَّطَ الْحَالُ فَعَلْنَا، فَأَنْشَدَ:
سَأَغْسِلُ عَنِّي الْعَارَ بِالسَّيْفِ جَالِبًا ... عَلَيَّ قَضَاءُ اللَّهِ مَا كَانَ جَالِبًا
وَلَمَّا رَأَى حَمُّوَيْهِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ مِنْ مَرْوَ عَمِلَ الْحِيلَةَ فِي ذَلِكَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: قَدْ أَدْخَلْتُ ابْنَ سَهْلٍ فِي جُحْرِ فَأْرٍ، وَسَدَدْتُ عَلَيْهِ وُجُوهَ الْفِرَارِ، وَأَشْبَاهَ هَذَا الْكَلَامِ لِيَغْضَبَ أَحْمَدُ فَيَخْرُجَ، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ أَمَرَ حَمُّوَيْهِ جَمَاعَةً مِنْ ثِقَاتِ قُوَّادِهِ، فَكَاتَبُوا أَحْمَدَ بْنَ سَهْلٍ سِرًّا، وَأَظْهَرُوا لَهُ الْمَيْلَ، وَدَعَوْهُ إِلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَرْوَ لِيُسَلِّمُوا إِلَيْهِ حَمُّوَيْهِ، فَأَجَابَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، لِمَا فِي نَفْسِهِ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى حَمُّوَيْهِ، فَخَرَجَ عَنْ مَرْوَ نَحْوَ حَمُّوَيْهِ، فَالْتَقَوْا عَلَى مَرْحَلَةٍ مِنْ مَرْوِ الرُّوذِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ، وَحَارَبَ هُوَ إِلَى أَنْ عَجَزَتْ دَابَّتُهُ، فَنَزَلَ عَنْهَا وَاسْتَأْمَنَ، فَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَأَنْفَذُوهُ إِلَى بُخَارَى، فَمَاتَ بِهَا فِي الْحَبْسِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ.
وَكَانَ الْأَمِيرُ أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ يَقُولُ: لَا يَنْبَغِي لِأَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ أَنْ يَغِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute