للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إِلَيْهِ أَبُوهُ) يَأْمُرُهُ بِجَمْعِ الرِّجَالِ، وَالِانْحِدَارِ إِلَى تَكْرِيتَ، فَفَعَلَ (وَسَارَ إِلَيْهَا) فَوَصَلَ إِلَيْهَا فِي رَمَضَانَ وَاجْتَمَعَ بِأَبِيهِ، وَأَحْضَرَ الْعَرَبَ، وَطَالَبَهُمْ بِمَا أَحْدَثُوا فِي عَمَلِهِ بَعْدَ أَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ، وَنَكَّلَ بِبَعْضِهِمْ فَرَدُّوا عَلَى النَّاسِ شَيْئًا كَثِيرًا، وَرَحَلَ بِهِمْ إِلَى شَهْرَزُورَ، فَوَطِئَ الْأَكْرَادُ الْجَلَالِيَّةَ، (فَقَاتَلَهُمْ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ غَيْرُهُمْ، فَاشْتَدَّتْ شَوْكَتُهُمْ، ثُمَّ إِنَّهُمْ) انْقَادُوا إِلَيْهِ لَمَّا رَأَوْا قُوَّتَهُ، وَكَفُّوا عَنِ الْفَسَادِ وَالشَّرِّ.

ذِكْرُ عَزْلِ الْخَصِيبِيِّ وَوِزَارَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى

فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فِي ذِي الْقِعْدَةِ، عَزَلَ الْمُقْتَدِرُ أَبَا الْعَبَّاسِ الْخَصِيبِيَّ عَنِ الْوِزَارَةِ. وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ الْخَصِيبِيَّ أَضَاقَ إِضَاقَةً شَدِيدَةً، وَوَقَفَتْ أُمُورُ السُّلْطَانِ لِذَلِكَ، وَاضْطَرَبَ أَمْرُ الْخَصِيبِيِّ.

وَكَانَ حِينَ وَلِيَ الْوِزَارَةَ قَدِ اشْتَغَلَ بِالشُّرْبِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَكَانَ يُصْبِحُ سَكْرَانَ لَا قَصْدَ فِيهِ لِعَمَلٍ وَسَمَاعِ حَدِيثٍ، وَكَانَ يَتْرُكُ الْكُتُبَ الْوَارِدَةَ الدَّوَاوِينَ لَا يَقْرَؤُهَا إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ، وَيُهْمِلُ الْأَجْوِبَةَ عَنْهَا، فَضَاعَتِ الْأَمْوَالُ، وَفَاتَتِ الْمَصَالِحُ، ثُمَّ إِنَّهُ لِضَجَرِهِ وَتَبَرُّمِهِ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْأَشْغَالِ، وَكَلَ الْأُمُورَ إِلَى نُوَّابِهِ، وَأَهْمَلَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا، فَبَاعُوا مَصْلَحَتَهُ بِمَصْلَحَةِ نُفُوسِهِمْ.

فَلَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَشَارَ مُؤْنِسٌ الْمُظَفَّرُ بِعَزْلِهِ، وَوِلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى، فَقُبِضَ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ وِزَارَتُهُ سِنَةً وَشَهْرَيْنِ، وَأُخِذَ ابْنُهُ وَأَصْحَابُهُ فَحُبِسُوا، وَأَرْسَلَ الْمُقْتَدِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>